كرامة الإنسان هي قيمته، وهي أيضاً منبع القوانين العادلة، والكرامة الإنسانية التي منحها الله لبني آدم هي أن شرفه ومنحه نعمة العقل والتفكير والتدبير، يقول سبحانه وتعالى (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً). إذ لا يمكن أن ينهض أي بلد يسعى لتعديل الأوضاع الاجتماعية والسياسية والحقوقية دون صيانة الكرامة الإنسانية، أفراداً وجماعات. مملكة البحرين اهتم دستورها بكرامة الإنسان بالدرجة الأولى، حيث جاء بنص صريح في باب الحقوق والواجبات العامة، وتحديداً المادة 19 «لا يعرض أي إنسان للتعذيب المادي أو للإغراء أو للمعاملة الحاطة بالكرامة» وهنا مربط الفرس.السؤال؛ هل تم المساس بكرامة الإنسان البحريني في موضوع مبلغ الدعم لمادة اللحوم؟ أقولها وبصراحة؛ نعم، فهذا الموضوع أثار حفيظة كثير من المواطنين، وربما طأطأ بعضهم الرأس من هذا الوضع، فيما اكتفى الآخرون بضرب كف على كف.كان بإمكان حكومة البحرين دراسة الموضوع بمزيد من التفصيل، والاستفادة من تجارب الدول المجاورة، وتحديداً الدول الخليجية، في تطبيق نظام البطاقة التموينية، ولنأخذ على ذلك مثالاً التجربة الكويتية، والتي تعتبر من التجارب الرائدة في هذا الشأن، حيث بدأت منذ سبعينات القرن الماضي، وذلك بتأمين احتياجات المواطنين الأساسية والدعم المادي واللوجستي لمختلف أنواع السلع الرئيسة، لاسيما الغذائية، وواصلت مسيرتها في توفير وتوريد المواد التموينية المدعومة من قبل الحكومة وفقاً لسياسات الدولة وتشريعاتها التي تصدر عن وزارة التجارة والصناعة.اعتمدت دولة الكويت على نظام البطاقة التموينية، حيث تعتبر وفرتها ضماناً للأمن الغذائي، وتشمل الأرز، الجبن، الحليب السائل والجاف، العدس، الزيت، السكر وأيضاً احتياجات الأطفال والمغذيات من الحليب والمكملات الغذائية لمن هم دول عمر السنتين. وبذلك يمكن تحديد الكمية بحسب أفراد الأسرة واحتياجاتهم كل شهر.التجربة الكويتية الرائدة دفعت دولاً أخرى إلى تطبيقها ومنها السعودية ومصر، حيث قامت الأخيرة بإصدار بطاقة إلكترونية للسلع التموينية من المتاجر، إضافة لتسجيل المواليد الجدد في البطاقة عن طريق مواقع إلكترونية لتعم الفائدة والمساواة ويعيش المواطن معززاً مكرماً في وطنه.بهذه الطريقة -استخدام البطاقة التموينية- ستضمن الدولة وصول الدعم للمواطن بشكل مباشر، إضافة إلى عدم هدر الكثير من السلع، كما هو حاصل الآن، وبالتالي توفير مبالغ طائلة على الدولة، كذلك فإن اعتماد البطاقة التموينية سيكون بمثابة صمام الأمان أمام زيادة الأسعار، وطريقة جيدة لضبط تدفق المواد الأساسية للأسواق المحلية.تجارب مهمة حققت نجاحات كبيرة في كسب المواطن وحفظ ماء وجهه وكرامته، فما المانع أن يبادر نوابنا الأفاضل بدراسة هذه التجارب وتكثيف الجهود من الحكومة لتطبيقها؟!- آخر المطاف..الوطن بدون كرامة غربة.. والغربة مع كرامة وطن.. فعسى ألا نكون أغراباً في وطننا.