كيف وصل بنا الحال إلى ما نحن عليه؟! وأعني بالسؤال اختلال الميزان الاقتصادي الخطير الذي نعاني منه، ودلالته وصول سقف الدين العام إلى سبعة مليارات دينار، والمتوقع تخطيه إن قبل النواب تمرير طلب الاقتراض الجديد.المشكلة أن عصفورة صغيرة أبلغتنا بأن طموح مخططي السياسة المالية لا يركز في تقليل الدين العام كما يقولون، بل طموحهم وفق «سيناريو غير معلن» حتى الآن بأن يصل الدين العام إلى عشرة مليارات، وهنا الكارثة الحقيقية.يحصل لدينا هذا ونحن دولة نفطية، أي أن لدينا إنتاجاً نفطياً، وهذه ميزة دول عديدة في العالم لا تملكها لكنها تتفوق علينا في حساب ميزانها الاقتصادي وإيراداتها وتوظيف هذه العوائد بما يحسّن حياة الناس، بالتالي تجدون مؤشر سعادة الفرد لديها مرتفعاً. هل يعقل أن نكون دولة نفطية والعجز لدينا يتصدر عناوين الصحف، والقلق المالي هو سيد أحاديث مجالس الناس؟! المصيبة أن من يفترض بهم رسم السياسة المالية للدولة يقولون وبكل هدوء وبرود أنه لا ضير من الاقتراض، وهنا كارثة حقيقية، إذ حينما نريد تقييم نجاح أو فشل أي سياسة ننظر لنتائجها، أي الأرقام، وفي موضوعنا هذا، الأرقام بالناقص، والدين العام سبعة مليارات، والمسؤولون يريدون فتح سقف الاقتراض. بالتالي وصف هذه الحالة لدى أي عاقل لا يخرج عن القول بأن هذا فشل ذريع، وإثبات على خطأ المسار الذي نسير فيه، ولو كانت الحالة في دولة تهتم فعلياً بالاقتصاد وتأثيراته عليها لما بقي أثر لأي من واضعي هذه السياسة في موقعه. ماذا تريدوننا أن نقول لكم ونصفكم، أبالناجحين، أم المتفوقين، أم المنجزين؟! أي إنجاز في إيصال الدين العام للبلد إلى سبعة مليارات؟! أي إنجاز في خلق وحش اسمه العجز الإكتواري؟. المجتمع الذي تغلب عليه المجاملات والحسبات والتقسيمات في المواقع الهامة، من الاستحالة أن يكون حراكه على مستوى احترافي ومتقن، بل المشاكل والإخفاقات والفشل هي العناوين السائدة. المجتمع الذي يفتقر إلى التخطيط السليم والمتقن، والذي يضعه خبراء في التخطيط الإستراتيجي وخبراء في استشراف المستقبل واستقراء التداعيات، هو مجتمع محكوم عليه بالانغماس أكثر في المشاكل، بل الأخطر مجتمع مهدد بخلق مشاكل مركبة يصعب حلها. هل البحرين لا يوجد فيها خير ووفر مالي؟! نحن دولة نفطية، بالتالي اسمحوا لي بالتشكيك فيمن يقول ذلك. هناك أرقام لإيرادات لا تدخل الحسبة العامة للدولة كما يقول بعض النواب المطلعين، وكما تبين بعض تقارير ديوان الرقابة، بالتالي من حقنا كمواطنين أن نسأل لماذا، خاصة وأنه كما ترون بأن الضرر يقع على الناس في النهاية، سواء بالضغط عليهم معيشياً أو بتعسر تذليل الخدمات لهم. لدينا مشكلة في التخطيط، لدينا مشكلة في إدارة المال العام، لدينا سوء إدارة للنقد، وفي المقابل يفترض بأن لدينا جهة تعتبر الذراع الاقتصادي للدولة، ويفترض أننا دولة نفطية، لكن حساباتنا المالية وكأنها تتحدث عن دولة غير خليجية غير نفطية.فمن هم المسؤولون عن كل ذلك؟! وباعتبار أنه لا إجابة عن هذا السؤال، نسأل في اتجاه مواز: وهل سيكون القادم أسوأ على الناس؟!
Opinion
ويفترض أننا «دولة نفطية»!
31 مايو 2015