الخطوات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لمقاليد الحكم، وأعادت للمملكة نفوذها الإقليمي، فتحت الباب للعديد من الدول من أجل البحث عن موطئ قدم بالمنطقة، خاصة بعد برود خفي تشهده العلاقات الخليجية الأمريكية بسبب مسار مفاوضات «النووي الإيراني» ومترتبات ما بعد «كامب ديفيد».ويلحظ المراقب سباقاً فرنسياً صينياً من أجل «خطب ود» دول الخليج، خاصة الاستقبال الحافل الذي حظي به الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في العاصمة السعودية الرياض ومشاركته في القمة التشاورية لدول الخليج مؤخراً.تخبطات مواقف الولايات المتحدة في المنطقة سهل هذا السباق، وجعل من الإمكان التوجه صوب قوى دولية أخرى تساند السياسات الإقليمية لدول المنطقة، وتكسر الاحتكار الأمريكي، ولو أن التحول كلية يعتبر صعباً في الوقت الحالي، ويحتاج إلى قرار إقليمي قوي.وتزايد خلال الفترة الأخيرة الحضور الطاغي للصين سياسياً واقتصادياً وعسكرياً في منطقة الخليج العربي، الأمر الذي أقلق الدول الغربية.تشير بعض التقارير إلى أن الصين تعتبر راهناً ثامن أكبر شريك تجاري لدول مجلس التعاون، إذ ارتفع من 20 بليون دولار عام 2004 إلى 34 بليون دولار العام الماضي.وعلى الرغم من أن الصين تحاول ألا تغضب الولايات المتحدة الأمريكية أو تستفزها، إلا أن حضورها العسكري تزايد في الآونة الأخيرة، وتكثف بالمناورات المشتركة التي دشنتها منتصف الشهر الحالي مع روسيا في البحر الأبيض المتوسط والتي استمرت نحو 10 أيام وانتهت في 21 مايو الحالي.ومن قبل حذرت دراسة كتبتها سارة إميرسون وأندروا وينر بعنوان «أسطورة استقلال النفط وعزلة السياسة الخارجية»، في دورية «The Washington Quarterly» الصادرة عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، من التقارب الروسي- الصيني.ولهذه المخاوف أسبابها بالنسبة للولايات المتحدة ذلك أن للأمر دلالات سياسية واستراتيجية، تعكس رغبة بكين في توسيع آفاقها الجيواستراتيجية في المنطقة، وحماية مصالحها البعيدة.وكانت ذات القطع العسكرية التي شاركت في هذه المناورات قد أنهت قبلها مهمة مرافقة في خليج عدن لإجلاء رعايا صينيين من اليمن قبل أن تتوجه إلى قاعدة نوفوروسيسك الروسية في البحر الأسود للمشاركة في الاحتفالات التي نظمتها روسيا بمناسبة ذكرى الانتصار على النازية.وتسعى الصين للاضطلاع بدور أكبر في منطقة خليج عدن، وكانت هناك مفاوضات من أجل إقامة قاعدة عسكرية صينية في جيبوتي، خاصة أن وجودها هناك منذ نهاية 2008 قبالة الصومال وفي خليج عدن في إطار الجهود الدولية لمحاربة القرصنة في المنطقة. وتمول الصين مشاريع لبناء مرافئ ومطارات وسكك حديد في جيبوتي.كان هناك طرح خجول فيما سبق لإقامة قاعدة عسكرية صينية في المنطقة، خاصة خلال الفترة الأولى من ما عرف بـ«الربيع العربي» ومحاولات الولايات المتحدة اللعب على الحبلين، اعتقاداً منها أن الخليج سيتحول إلى مناطق حرب كما يحدث في العراق وسوريا وليبيا وما حدث في مصر، بقراءة خاطئة للأوضاع في المنطقة، ولكن ذلك الطرح اختفى سريعاً، لكنه لاشك يمثل التفكير فيه فقط ضربة قوية للولايات المتحدة.ومنذ ذلك الحين تنظر المنطقة للولايات المتحدة بعين الريبة، والخوف، وعدم الثقة، الأمر الذي شجع دولاً أخرى للاقتراب أكثر من منطقة الخليج، بحثاً عن دور أكبر، فهل تنجح الصين في أن يرتفع حضورها بقاعدة عسكرية مستقبلاً؟