كيف ستقضون على الدين العام؟! قد يكون هذا أهم سؤال يتوجب أن يطرحه أي مواطن بحريني اليوم، وإجابته لازمة بل واجبة على المسؤولين عن الملف الاقتصادي والمالي في الحكومة.وحينما نقول لابد من الإجابة، فإننا نعني استبعاد عمليات «اللف والدوران» ومناورة «الالتفاف» على الإجابة، وإلغاء أية محسنات لفظية أو توصيفات بلاغية، نريد كلاماً مباشراً وواضحاً متجرداً حتى من علامات التنصيص والترقيم، نريد كلاماً على هيئة خطوات، يقول لنا من سيصرح باسم الدولة بأن الخطوة الأولى كذا، والثانية، كذا وصولاً للختام، بحيث تكون خلاصة الإجابة متمثلة بـ«تصفير» عداد الدين العام.المشكلة اليوم، بأن أصعب ما يتحصل عليه المواطن، وحتى كتاب الصحافة، وأيضاً النواب لا نستثنيهم، أصعب ما يمكن أن يتحصلوا عليه من مسؤولي الدولة هي الإجابات الصريحة والمباشرة.برامج عديدة عرضت على تلفزيون البحرين خلال أسابيع ماضية وحتى الأمس، كلها تتضمن مواضيع ساخنة مرتبطة بالدين العام والميزانية ورفع الدعم، ولو أحصينا نسبة عمليات «الالتفاف» على الإجابة لخلصنا إلى نسبة خطيرة جداً، بمقارنتها مع الإجابات المباشرة والواضحة والمفهومة لدى الناس ستكون نسبة التضليل أكبر من نسبة الشفافية.وهنا لسنا نتهم، وسنرد على من يتهمنا بأننا نتهمه بأنه ضلل الناس و«أضاع» الموضوع وحرفه عن مساره، إذ يكفي أن الأسئلة الرئيسة الهامة التي نبحث لها عن إجابات لم تجب على الإطلاق، وإليكم بعض نماذج الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها:- لماذا شركة ممتلكات –على سبيل المثال- والتي تحتها أصول الدولة لا يدخل منها في ميزانية الدولة فلس واحد من أنشئت؟- كيف قفز الدين العام من مليار واحد في عام 2009 ليصل إلى سقف المليارات السبعة في عام 2015؟- لماذا أعلن عن تطبيق رفع الدعم عن اللحوم قبل أي سلع أخرى؟ ولماذا يطبق بمعزل عن النواب، رغم تأكيد وزير المالية لهم بأنه لن يتم بمعزل عنهم وعن استشارتهم؟- مبلغ التعويض «الهزيل» الذي احتسب للمواطنيين نتيجة «رفع الدعم» ولن نقول «إعادة توجيهه»، كيف احتسب وبناء على أي معيار؟- خطوة رفع الدعم عن اللحوم ستوفر مبلغ 28 مليون دينار تقريباً، بالتالي لماذا لم تدخل في حسبة «التعويضات»، وأين سيكون مصير هذا الفائض؟ تحت أي باب من المصروفات، أو هل سيستخدم لتسديد جزء صغير من الدين العام؟- البنك الدولي حذر البحرين مراراً في الأشهر السابقة من خطورة الاقتراض، وكيف أن هذا سيؤثر على تصنيفها الائتماني، فلماذا الإصرار على الاقتراض رغم تحذيرات البنك الدولي، في حين تم استخدام دراسة البنك لدعم اللحوم في البحرين كذريعة لتطبيق المسألة؟هذه نماذج من أسئلة عديدة تحتاج إلى إجابات صريحة وواضحة وحاسمة لا تتضمن محاولات التفاف ولا لف أو دوران، وللأسف نقولها بأن بعض المسؤولين الذين خرجوا على الناس في الفترة الماضية، سواء أكانوا بمستوى وزراء أو وكلاء أو غيرهم، أغلبهم لم يجب بطريقة توضح للمواطن تفاصيل التفاصيل في كل موضوع، ولا تشرح للمواطن ما هو مدى ضرره ومدى استفادته، بل للأسف وجدنا لدى البعض نبرة استعلائية على المواطن، وحصل ذلك في تلفزيوننا الرسمي للأسف، وهذا أمر غير مقبول تماماً.ما نبحث عنه إجابات شفافة وصريحة، وإن كانت مشكلتنا اليوم افتقارنا لمسؤولين قادرين على تحمل المسؤولية، قادرين على الحديث بصراحة وشجاعة، فإن مشكلتنا الأولى قبل أي مشاكل أخرى تتمثل في المواقع القيادية في قطاعات الدولة، وكيف أنها مفتقرة للكفاءات وللعقليات الجديدة الملمة بالإدارة والتخطيط الاستراتيجي، والتي بموجبها ستعرف قطعاً بأن أهم خطاب يوجهه المسؤول اليوم هو للمواطن أولاً، ولا أحد غيره.رجاء ردوا على تساؤلات الناس والصحافة بوضوح، وما الذي يمنع بأن تعقدوا مؤتمرات صحفية مفتوحة تلتقون فيها بالناس وتستمعون لتساؤلاتهم مباشرة وتجيبون عليها، وأقلها تتلقون «التحلطم» و«الاستياء» و«التذمر» الذي يبديه الناس إزاء قرارات بعض الوزراء والقطاعات، بدلاً من الاكتفاء بأن تتلقى الصحافة وكتاب الأعمدة بصدورهم استياء وغضب الناس، لننقله لكم ولمن يقرأ بعدها، وللأسف مع ذلك لا يحرك شيئاً بالنسبة لكثير من المسؤولين.مشكلتنا في هذا البلد، هو أن لدينا عدداً من المسؤولين يعملون بمعزل عن الناس، المسافة التي تبعدهم عن الشعب وكأنها من الأرض حتى أبعد مجرة في الفضاء، والمهزلة أنهم في النهاية يطرزون أي تصريح لهم بعبارة «نعمل من أجلكم»! بالله عليكم صححوها إلى «نعمل لزيادة همكم»!