ظهر بشكل جلي هذه المرة مدى فارق الخبرة بين السادة النواب ونظرائهم الشوريين في التعاطي مع الميزانية العامة، هذا الأمر ليس بجديد على الإخوة بمجلس الشورى، فهم أصحاب الخبرة المكتسبة في كيفية قراءة وتحليل الميزانية بشكل أفضل من بعض الإخوة النواب.ليس تقليلاً من السادة النواب أبداً؛ لكن حين نطلع على عمل اللجنة المشتركة للنواب والشورى واجتماعاتها مع الجانب الحكومي يتضح مدى الفهم والتعاطي مع الميزانية بشكل أفضل، وأعتقد أن نواب الشورى لديهم المزيد، لكن ربما هناك عوائق أمامهم.طرحت اللجنة المشتركة للنواب والشورى في اجتماعها مع الجانب الحكومي موضوع إعادة صياغة الميزانية، وقال أعضاء باللجنة إن هناك مشاريع يمكن تأجيلها وليس إلغاؤها، وهذا من شأنه أن يخفف الحمل على الميزانية.وقال أعضاء اللجنة إن هناك «وزارة» لم تنفق سوى 25% من ميزانية المشاريع، فلماذا تعطي ميزانية جديدة، وأن هناك مسؤولين بالوزارات قالوا إن ذلك لن يؤثر على مشاريع بعض الوزارات.وإذا عدنا إلى تصريحات سابقة للجنة فإن ما تم إنفاقه على المشاريع بالميزانية السابقة لم يتجاوز الـ 45%، وهذا يعني أن ميزانية المشاريع بها وفر يقدر بـ 55%، وهو المبلغ اللازم لإتمام المشاريع التي لم تتم بالميزانية السابقة.كل هذه المعطيات تجعل من موضوع إعادة صياغة الميزانية الجديدة بطريقة أخرى يتم فيها خفض الإنفاق للوزارات التي لديها وفر مالي للمشاريع التي لم تكتمل، فكيف تصرف لها ميزانية جديدة ولمشاريع جديدة وهي لم تنتهِ من المشاريع السابقة؟الأخ الكريم خالد المسقطي طرح سؤالاً على الوزير المعني في الأسبوع الماضي داخل اللجنة وقال له: هل إيرادات الوزارات تدخل في إيرادات الدولة والميزانية العامة؟الذي فهمته، بفهمي المتواضع، من إجابة الوزير أنه قال: «ليس كل الإيرادات تدخل الميزانية العامة..» (وانقطع الكلام)!إجابة الوزير المعني ذكرتني بما قاله وزير الإعلام إن الدولة تقترض مبلغ دعم اللحوم..!الرئيس التنفيذي لممتلكات قال أيضاً إن إيرادات ممتلكات ستستخدم كنفقات تشغيلية..!مما سلف يظهر أن إيرادات الميزانية العامة «تقرش»..!!لا أريد أن أفصل أكثر في هذه المعطيات التي أمامنا، فقد قيل إن الكاتب الفلاني يتجاوز حدوده ويجب أن توقفوه، والعبد لله مو ناقص وشاة ومغرضين، وإذا أراد البعض إيقافنا فالفضاء مفتوح..!من أجل ذلك أقول إن مسؤولية الإخوة في المجلسين وفي طريقة تعاطيهم مع الميزانية العامة في هذا التوقيت الحرج ينبغي أن يكون التعاطي مختلفاً، لا نريد أن نوجه اتهاماً إلى أحد أوجهات، هذا ليس هدفاً وليس مطلباً لنا وللنواب، إنما الهدف هو تحقيق تنمية حقيقية للوطن من خلال إنفاق الميزانية العامة في اتجاهها الصحيح وعلى المشاريع التي يحتاجها المواطن وتحتاجها التنمية.إعادة صياغة الميزانية يتطلب أيضاً النظر في ميزانية هيئات ليس لديها إلا البهرجة وأمور لا تنفع المواطن بشيء، بينما الأوضاع اليوم حرجة جداً، من غير أن يكون هناك مردود على الميزانية العامة، هذه مسؤولية أمام السلطتين التنفيذية والتشريعية.الميزانية لا تأتي لتعرض على الصحافة، الميزانية تعرض على السلطة التشريعية، وهم المسؤولون عن إقرارها وعن المحاسبة عليها، لكن أحد الإخوة المطلعين قال لي ذات مرة: «يا أخي أنت وايد تعول أشخاصاً في أحد المجالس.. شكلك ما تدري)!«إي والله أنا مادري»؛ وأحياناً ألا تعلم أفضل مما تعلم، وحين تكون عيونك مغلقة أمام أمور بعينها أفضل من أن تكون مفتوحة، والتحديات والأزمات تمحص وتظهر مواقف الأشخاص، سواء في حياتنا الشخصية أوفي حياتنا العامة..!