خلال الاجتماع التشاوري الذي نظمه المجلس الأعلى للمرأة أمس الأول مشكوراً مع كتاب الأعمدة وأصحاب الأقلام بالصحف البحرينية، وتم خلاله النقاش بشأن عدد من القضايا التي تشكل أهم التحديات التي تواجهها المرأة البحرينية في الوقت الراهن، والتي دار بعضها في فلك الإسكان وكيفية توفيق المرأة بين متطلبات مهنتها وأسرتها وعملها في القطاع الخاص وتمكينها الاقتصادي.أمام المعلومات والإحصائيات التي استعرضتها لنا مشكورة الدكتورة دينا أحمد عبدالله مديرة إدارة الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية والمشاريع، والتي كشفت عن الخطوات التي يقوم بها المجلس لأجل النهوض بالمرأة وتعزيز مكانتها في المجتمع، من جانبنا كنا قد طرحنا عدداً من النقاط التي وجدنا أنها تدخل ضمن قضايا المرأة البحرينية..-مقابل ما ذكر- فقد وجدوا أنه لا توجد مشاريع واضحة بخصوص المطلقات والأرامل عند وزارة الإسكان وأن هناك مساعي من جانبهم في إثبات حق المرأة المطلقة والأرملة، كما أن هناك تحركات لأجل منح العازبات أو المطلقات دون أولاد حق الانتفاع من الإسكان وأنهم بانتظار إقرار هذا القرار بشكل رسمي، حيث من المتوقع أن يجهز المشروع خلال الربع الأخير من السنة.لذلك لا يمكن أن تتأخر مملكة البحرين عن ركاب بعض دول مجلس التعاون التي وفرت للمرأة حقوق السكن دون اشتراطات تقيد من حقوقها في الانتفاع، فالإمارات العربية المتحدة على سبيل المثال تمنح المرأة فور طلاقها، سواء أكانت بأولاد أو بدون، وحدة سكنية كتأمين للسكن اللائق لها، لذلك لابد من السعي بشكل جاد حتى تكون هناك مشاريع إسكانية تستفيد منها هذه الفئات من المجتمع بحيث تمنح المطلقة أو الأرملة وحدة أو شقة سكنية، فهي بالنهاية مواطنة ولها حق السكن اللائق حتى وإن لم يرزقها الله بأولاد.وأمام ما استعرض بشأن موافقة مجلس الوزراء على إنشاء مركز رياضي للمرأة بتاريخ 19 يناير 2014 طالبنا بالتمكين الرياضي للمرأة، الذي يعد الوجه الآخر لدعم صحة المرأة وتعزيزها مما ينعكس على إنتاجها بالمجتمع، ومن شأن ذلك أيضاً أن يعمل على تعزيز السياحة العائلية والرياضية على مستوى دول المنطقة من خلال توفير نواد وأماكن مخصصة تتيح للمرأة ممارسة مختلف الرياضات أسوة بالأندية الرياضية للرجال، هذا الأمر ليس صرحاً من صروح الخيال لعدم توافر موازنات في الوقت الحالي -كما تم التعليق كرد علينا- إنما من الممكن تطبيقه بسهولة تامة من خلال التنسيق والاستفادة من الأندية الرياضية الموجودة إلى جانب الصالات والساحات الرياضية الموجودة في المدارس لأجل إتاحة الفرص للمرأة لممارسة مختلف الرياضات، خاصة تلك التي بدأت بالانتشار عند الشباب كقيادة الدراجات والفروسية وما شابهها من رياضات تحتاج لمكان لممارستها.وقد لا تسمح خصوصية المجتمع البحريني بممارستها في الخارج كما يفعل الرجل بكل حرية، فبعض دول الخليج قامت بعض الجهات فيها بالشراكة مع القطاع الخاص لتبني دعم رياضات المرأة في هذه المجالات، خاصة الفروسية، من خلال تهيئة نواد خاصة للمرأة يدرنها نساء بأنفسهن.مملكة البحرين معروف عنها سابقاً أنها كانت في الصدارة ومن الدول المتقدمة والسباقة في العديد من المجالات، خاصة الرياضة، والمسألة اليوم لا تحتاج إلى معجزة مالية للتنفيذ، بل للتنسيق والمرونة بدلاً من انتظار إقرار موازنات لإنشاء مراكز رياضية متخصصة، هذا إن كنا جادين فعلاً في تشجيع نساء البحرين أسوة ببقية نساء العالم لممارسة الرياضة والاهتمام بالصحة.كان هناك حديث أيضاً خلال الاجتماع عن شح المعلومات المتعلقة بالمرأة وقيام المجلس الأعلى للمرأة سنوياً بإعداد البحوث والدراسات وتوفير مكتبة يستفيد منها الناس، وهو شيء ممتاز يعكس أن هناك استراتيجية يقوم عليها المجلس تأتي من خلال الدراسات، بحيث يكون ذلك أحد أهم قواعد المعلومات على مستوى الخليج بخصوص دراسات المرأة وقضاياها، كما يعكس أن خطط المجلس لا تأتي من فراغ بل من أسس علمية قائمة على دراسات وأبحاث، ونتمنى أن يتطور الموضوع ليضم دراسات عن المرأة الخليجية والعربية، فهو بالتأكيد سيرفع من أسهم مملكة البحرين على المستوى الخارجي وسيجعل المجلس أحد المراجع العربية المهمة.ومن جملة المعلومات التي لفتت النظر أن 40% من السجلات التجارية تمتلكها النساء، مما يعني أن المرأة البحرينية قد أصبحت تقتحم مجالات جديدة وتتقدم فيها في سوق العمل وهو سوق التجارة والاقتصاد، وهو شيء يتماشى مع ما تشتهر فيه مملكة البحرين قديماً بأنها أرض تحتضن التجارة والأسواق.في ما يخص المناصب القيادية للمرأة بالدولة، ذكر أنها تشكل 12% من المناصب الوزارية و8% في مجلس النواب و28% في مجلس الشورى، وأن المرأة في مجال التعليم العالي قد تفوقت على الرجل بما نسبته 60%، حيث طالبنا من جانبنا بأهمية متابعة كافة التحديات التي تواجهها المرأة ودراسة كافة العوامل التي تعمل على الانسحاب المبكر لها من بيئة العمل، فليس المهم الوصول إلى المناصب القيادية فحسب إنما المهم بقاؤها فيها، والأهم من ذلك، ونضع تحت هذا الكلام العديد من الخطوط، إبداعها فيها وإنتاجيتها، حتى لا تكون مجرد ظاهرة شكلية لوصول المرأة، كما لابد من الالتفات لتحسين الوضع المهني للمرأة بضمان عدم وجود حرب نفسيه تشن عليها خاصة من الرجال، فلاتزال النظرة الذكورية التي تحارب المرأة موجودة، وإن قل تواجدها، فليس معنى عدم خروج مثل هذه التحديات على السطح أنها غير موجودة أو اندثرت، والبحرين طالما هي دولة متقدمة ومتطورة لابد عليها أن تنهي مثل هذه المظاهر التي تعيدنا إلى المربع الأول من حقوق المرأة المهنية.ختاماً؛ التجربة الانتخابية للمرأة في مملكة البحرين ملفتة للنظر، وقد لفتت أنظار العالم بشكل عام والخليج خاصة نحو تجربتها، سواء أكانت مرشحة أو منتخبة، وقد قطعت شوطاً كبيراً في ذلك، فمن مقعد واحد في مجلس 2006 إلى ثلاثة مقاعد في الانتخابات التكميلية عام 2011 ليرتفع تمثيلها إلى أربعة مقاعد، كما أن ترشح 39 امرأة في انتخابات 2014 يعني أن المجلس الأعلى للمرأة قد نجح في تمكين المرأة السياسي، وأهم تحد اليوم هو توفير ضمانة تعنى بالحفاظ على هذه النسبة والتقدم بها أكثر.