وسط كل هذا الحديث عن رفع الدعم عن الأجانب، لحوم وكهرباء ومحروقات ..إلخ، فإن هناك سؤالاً منطقياً آخر يقول؛ من الذي سيدفع الكلفة في النهاية؟بمعنى حين ترتفع الأسعار على الأجنبي وعلى صاحب العمل؛ فمن الذي سيسدد الكلفة؟مع احترامنا لكل ما يطرح من أفكار، ومع تأخر الدولة في التدرج في رفع الدعم على السلع بشكل عام، فإن الأمر الذي سيصاحب كل ذلك هو ارتفاع لأسعار المنتجات، وارتفاع لأسعار الخدمات، والأيدي العاملة، وكل ذلك سيسدده المواطن وليس الأجنبي.حين ترفع على الأجنبي أسعار السلع والمحروقات والكهرباء، فإنها ستأخذ كل قيمة هذا الارتفاع من جيب المواطن، ولن يكون من جيب الأجنبي، هذه حقيقة تعلمها الدولة ويعلمها النواب والشوريون، لكن الكل اليوم يسكت عنها.خرجت تصريحات مؤخراً من السادة النواب حول الدعم والميزانية، ومنها تصريحات الأخ النائب خالد الشاعر، والتي قال فيها: «إن هناك ميزانية مرصودة تقدر بملايين دينار في الميزانية العامة لإنشاء ملاعب الكريكيت»..!بصراحة استوقفني الموضوع كثيراً؛ ملاعب كريكيت.. وعشرة ملايين؟إلى هذه الدرجة حدثت تغييرات في التركيبة السكانية للمجتمع البحريني، وصرنا نرصد ميزانية للعبات لا يلعبها أهل البحرين؟ملعب كرة قدم محترم وعالمي غير متوفر بالبحرين، الأستاد الوطني الذي بنته السعودية في الثمانينيات يعاني كثيراً، وكلما جاءت دورة كأس الخليج «عملنا له شوية تعديلات وقلنا يا العبوا..!».الأمر مضحك ومؤلم ويجعلنا نقول للذين وضعوا بنود الميزانية «يا جماعة فتحوا ويانا شوي» الوضع حرج، والأحداث الإقليمية كبيرة ومؤثرة، لا مجال اليوم إلى أن نخصص ميزانيات «ترفية» أو ميزانيات بهرجة وحفلات والبلد بها أزمات، والمواطن يعاني فيها من أواسط كل شهر بسبب ارتفاع الأسعار.موضوع ملاعب الكريكيت كان مستفزاً جداً للناس، وهذه الميزانية تحتاج إلى تنقيح كبير، وفلترة كبيرة من جانب السادة النواب حتى توقف الأمور التي ليس لها داعٍ خاصة الترفيهية منها، هذه مسؤولية وطنية على السادة النواب ويجب أن يطلعوا بها.على الجانب الآخر فإن هناك أموراً كثيرة تحت يد السادة النواب أيضاً؛ ففي الميزانية السابقة تم صرف 54% من مخصصات المشاريع، وتم توفير 404 ملايين دينار..!وإذا كان ذلك، فهذا يعني أن هناك وفراً من الميزانية السابقة يجب استغلاله، لكني أيضاً لا أعلم هل هذا الوفر يعني أن المشاريع أقيمت بتكلفة أقل، أم أن هذا المبلغ لإتمام المشاريع التي لم تنجز؟هناك خمس جهات حكومية فقط استطاعت أن تنجز 80% من المشاريع، إلا أن هناك بالمقابل 18 جهة حكومية أخفقت في تخطي نسبة 40% من إنجاز المشاريع، هذه نسبة محبطة جداً، وهذا الأمر يحتاج إلى محاسبة حكومية لهذه الجهات قبل المحاسبة البرلمانية.من كل ما سلف يظهر أن الميزانية لم تطبخ جيداً، ولم تضع الأولويات التي يحتاجها المواطن في أولوياتها، كما أن مؤشر (طحن الطبقة الوسطى) لا يظهر لدى من وضع الميزانية، كل شيء يأتي على رأس الطبقة الوسطى التي تم سلب كل المميزات منها، وكما قلت سابقاً (بالقانون) وهذا مؤشر خطر على مستقبل طبقة الأمان الاجتماعي بالبلد.أخذ خدمة بيوت الإسكان من الطبقة الوسطى للمواطن البحريني الذي امتزج عرقه ودمه بتربة هذه الأرض كان من أخطر الأمور، هذا الأمر مؤسف جداً، وأقر من البرلمان أيضاً، التوجه إلى إضعاف هذه الطبقة ليس في صالح أحد، وتوجيه بيوت الإسكان باتجاهات معينة أصبح يخنق الطبقة الوسطى من أهل البحرين، ويفجر حالة الغضب بين الناس، من لا يرى هذا الأمر على عينه غمامة.في اعتقادي أن هناك خبايا كثيرة في الميزانية العامة لم تظهر بعد، أو لم يصل إليها النواب بعد، كما أن ربط الحساب الختامي مع الميزانية الجديدة والوفر الذي حصل فيها كلها يجب أن تصب في مصب واحد، وفي تحليل واحد، لا ينبغي أن نفصل هذا عن ذاك، هذا إذا أراد السادة النواب تحقيق ميزانية تحقق بعض متطلبات المواطنين.** رذاذمن المفارقات أن الدولة تريد أن توفر مبالغ من ميزانية اللحوم التي تذهب للمواطن والأجنبي، وقالوا لن نقترض من أجل الأجنبي..!لكن بذات المنطق أنتم خصصت مبلغ 10 ملايين دينار للأجانب، بمعنى دعم اللحوم لا يجب أن يحدث، لكن 10 ملايين للكريكيت ماذا تسمى..؟الذي وضع 10 ملايين للعبة الكريكيت ربما لا يعلم أن فرجان المحرق الداخلية أصبحت ملاعب للكريكيت، الموضوع إذا أردتم أن تخدموا الأجانب فقط يتطلب الأمر تبليط الأرض، لا أكثر ولا أقل.«يعني هذي سالفة، تخلونا في آخر عمرنا نلعب كريكيت.. يا جماعة وش سويتوا بالديرة وأهلها، بدل ما نلعب كورة نلعب كريكيت..؟».اقترح عمل ملعب للبيسبول في الجفير أيضاً، فإذا الكريكيت تلعب في فرجان المحرق العريقة..!«هيا نلعب كريكيت.. البلد صارت ماهي لنا..!!».