الناس تندرت خلال اليومين الماضيين بموضوع الملايين العشرة المعنية بالملاعب الأربعة للكريكيت، التي جاءت بطريقة وأسلوب «ما عندك تأمل، عندك تغرم».وبصراحة القول هنا، فإن الناس من حقها ذلك، كيف لا، وهي تعاني خلال الأيام الماضية من أخبار ترفع الضغط، خاصة إعادة توجيه الدعم، والدين العام، فإذا بها تفاجأ بمسألة تضرب عرض الحائط موضوع تقليل الإنفاق أو ترشيده.اطلعت على تفاصيل الميزانية المقترحة لمؤسسة الشباب والرياضة والتي تدخل ضمن الميزانية التي من المفترض أن يناقشها النواب، وسأستعرض معكم الأرقام، وانتبهوا لموضوع ملاعب الكريكيت الأربعة وقارنوها بالمبالغ المرصودة للمشاريع الأخرى، ونبدأها كالآتي:- البند (39) وهو صيانة المباني الحكومية والمؤسسة والمرصود له 7.941 مليون دينار.- البند (40) الأندية النموذجية والمرصود له 21.952 مليون دينار.- البند (41) مدينة الشيخ خليفة الرياضية، والمرصود لها 14.679 مليون دينار.- البند (42) مدينة الشيخ عيسى الرياضية، والمرصود لها 49.406 مليون دينار.- البند (43) نادي التضامن، والمرصود له 4 ملايين دينار.- البند (44) المرافق الرياضية 1، والمرصود لها 18.392 مليون دينار.- البند (45) إنشاء 5 مراكز شبابية، والمرصود لها 18 مليون دينار.- البند (46) إنشاء 4 ملاعب كريكيت، والمرصود له 9.700 مليون دينار.- البند (47) مركز البسيتين الشبابي والرياضي، والمرصود له مليونان دينار.- البند (48) المرافق الرياضية 2، والمرصود لها 9.500 مليون دينارلو استعرضنا هذه الأرقام الموضوعة ضمن ميزانية مؤسسة الشباب والرياضة المقترحة، والتي سلمت لمجلس النواب، فإننا كأشخاص لنا خبرة في المجال الرياضي سنحتاج لأغلب البنود الموجودة والمبالغ المرصودة لها مع الحاجة لمعرفة مزيد من التفاصيل، لكن يبقى البند رقم (46) هو الكارثة التي بسببها أثيرت موجة غضب عارمة طالت الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، ونعني بها ملاعب الكريكيت.فقط سنسأل، هل هذا البند يمثل أولوية؟! هل هذه الرياضة من الرياضات الأساسية في البحرين والتي يقبل عليها البحرينيون؟! والأخطر هنا، من الذي اقترح هذا الشيء أصلاً، وبناء على ماذا تم اقتراحه، وما الهدف منه؟!يا جماعة، دعوا الوضع المعيشي ووضع الميزانية العامة جانباً، ولنمسك الجانب الرياضي ونركز عليه، إذ هل ما تحتاجه الرياضة البحرينية اليوم من منشآت تنقصه ملاعب كريكيت؟! أم تنقصنا ملاعب «سنعة» ومنشآت متقدمة وأندية نموذجية بمعنى الكلمة، لا أندية معوقة وفيها مشاكل ونطلق عليها «نموذجية».هذه الملايين العشر (تحديداً 9.700 مليون) ألا يمكنها أن تبني لنا إستاداً رياضياً على أعلى مستوى، يكون واجهة متميزة للكرة البحرينية، يحل كبديل محل ستاد البحرين الوطني الذي أنهكته عقود من الاستعمال والترميم؟!أتحدث مع خبير رياضي لدينا بالأمس، يقول بأن هذا المبلغ يمكنه أن يبني ثلاثة ملاعب صغيرة يتم توزيعها على المحافظات، تكون سعتها بحدود الخمسة آلاف كرسي، مدللاً على ملاعب للأندية الإنجليزية التي تلعب في الدرجات الثانية والثالثة والتي تحتضن فيها مباريات تستقطب جماهير كبيرة، مثل مباراة كأس الاتحاد الإنجليزي هذا الموسم بين ليفربول ونادي ويمبلدون، إذ ملعب ويمبلدون يتسع فقط لخمسة آلاف متفرج، وحضر المباراة قرابة أربعة آلاف وثمانمائة شخص.بالتالي الملايين العشرة لملاعب الكريكيت، يمكن أن تكون ثلاثة ملاعب جديدة تتوزع في المحافظات مع الإبقاء على إستاد البحرين الوطني كملعب رئيس سعته تتراوح بين 28 إلى 30 ألف متفرج، أو الأفضل بناء إستاد واحد على مستوى متقدم يكون أقلها واجهة كروية للبلد كما أسلفنا.زبدة القول هنا، بأن هناك أولويات في رياضتنا تحتاج إلى الميزانية، بدلاً من رصد ميزانيات على أمور ليست سوى «ترف» وكأنها بعثرة للمال العام، والأدهى أنها لا توجه للبحرينيين. وهنا نقول إذا كانت حجة عملية إعادة توجيه الدعم من قبل وزارة المالية هو توجيهه للبحرينيين فقط، ووقفه على الأجانب، فلماذا تقوم المؤسسة بالعكس بإنشاء أربعة ملاعب كريكيت لن يستفيد منها إلا الأجانب؟! وهنا لا أعتقد بأن الأجانب طلبوا إنشاء أربعة ملاعب، هم يلعبون في الساحات المتفرقة في البحرين، ترونهم في الحنينية وعوالي وغيرها.وطبعاً إذا أردتم الرأي الأفضل، هو المتمثل بوقف صرف الأموال على كماليات وأمور ليست بذات أولوية، بل وجهوا للمواطن أفضل، إذ مبلغ عشرة ملايين دينار كم وحدة سكنية يمكنه أن يبني إذا اعتبرنا توفير الأرض على الدولة كونها تملكها؟! يكلف 30 ألفاً أو حتى 50 ألفاً على أقصى تقدير؟! طيب قيمة 4 ملاعب كريكيت كم وحدة سكنية يبني؟!نعود ونقول ونؤكد بأن لدينا سوء إدارة وتخطيط للمال العام، وضياع بوصلة في عملية التخطيط السليم.
Opinion
10 ملايين للكريكيت.. كم ملعباً تشيد؟! بل كم وحدة سكنية تبني؟!
04 يونيو 2015