يحدثني أحد الأصدقاء من الكويت الشقيقة، وقد كان من أبطال حرب التحرير في مطلع التسعينات، عن صولات وجولات، عن مغامرات وآلام وآمال كانت المحرك الرئيس للعسكر في ساحات الوغى الكويتية، كان حديث شيقاً وذا شجون، تتعالى فيه نبرة الفخر حيناً، وتغلبه غصة وطن مغتصب ربما لم يكن ليعود، وحنين عارم للشهداء، وحرقة على أسرى لم يكن يُعلم ما مصيرهم ولا إن كانوا أحياء أو موتى.!!لفتني في ذلك الحديث الطويل المؤثر أنه وبقية العساكر كانوا يتلقون الدعم المعنوي والتشجيع من مراكز القيادة العسكرية التي تمنحهم الحماسة والاستبسال في المواجهة، وأنهم تسلموا باقات الورد والهدايا من المواطنين المدنيين تقديراً لشجاعتهم ولأهمية دورهم الوطني الشريف في استعادة الحق المغتصب، أخبرني كم أن لكلمات الدعم والتشجيع التي خطتها أيدي المواطنين من وقع في نفوس العساكر ودفعة إيجابية لهم، وكم استشعروا أنهم لم يقاتلوا لوحدهم أو لغير هدف، منحهم ذلك شعوراً مضاعفاً بالمسؤولية، وفيضاً من الفخر والبطولة، في الظرف الذي قدموا فيه أرواحهم ودماءهم رخيصة فداءً للوطن. نقف اليوم لمحاولة إسقاط الجزء الأخير من التجربة على عمليتي «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل»، لنواجه حقيقة صادمة؛ النتيجة تكاد تكون صفرية، الشعب الخليجي بقدر ما جلجل لـ «عاصفة الحزم»، الإعلام الخليجي بقدر ما تصدرت صفحاته الأولى مانشيتات عريضة وتقارير مطولة عن «عاصفة الحزم»، بقدر ما هنالك تجاهل مؤلم للمقاتلين من أبنائنا الخليجيين على الجبهة اليمنية، نسمع عن استشهاد بعضهم وكأن شيئاً لم يكن، وندرك تماماً حجم المشاركة من قوات كل بلد ولم ينبس أحدنا ببنت شفة للدعاء للعساكر هناك أو لتشجيعهم ودعمهم، وكأنهم لم يخرجوا للدفاع عن أوطاننا والذود عن حمى المنطقة والخليج العربي على وجه الخصوص، كأن مشاركتهم شرفية لا بطولة فيها ولا قيمة تذكر. نرقد في أوطاننا آمنين مطمئنين متجاهلين الدماء التي تراق من أبنائنا وإخواننا لأجلنا، أو الجهود التي تبذل في ظروف قاسية.الغريب في الأمر.. أن المنظمات الأهلية -بطبيعة الحال- تضع أجندات المناسبات لتقيم الاحتفالات والبرامج، وتتتبع أخبار الصحف لتفتعل مناسبة من لا شيء، وتتسابق بعضها لتأدية أدوار وطنية مختلفة، ولا أدري ما تلك الغفلة الجمعية التي يعيشها الخليج العربي، ومنظماته الأهلية، حتى لم نشهد حديثاً حتى عن الدور الهام الذي يؤديه مواطنونا العساكر، ولا الفضل في تحقيق أمننا وأماننا الذين ننعم بهما حالياً.أستعجب أكثر من أولئك المغردين في الفضاء الإلكتروني، ألم تعد البطولة والذود عن الأوطان موضوعاً مستحقاً للتداول، ترى.. هل تحول جميع المغردين إلى ناعقين بالنقد والفتن والتحريض ونشر الكراهية حتى لم يتبق فيهم ذرات قليلة من الإيجابية يبعثون بها في نفوس أولئك المقاتلين هناك. أولاً يستحق منا أولئك العساكر كلمة شكر أو تشجيع، أو الدعاء لهم بأن يحفظهم الله ويردهم سالمين غانمين؟!- اختلاج النبض..لا مجال للعتب.. الخليج العربي يشهد حالة من التقصير الجمعي الفاضح بحق حماته، وقد وجب تدارك الأمر عاجلاً غير آجل، فهل سنستجيب لإطلاق حملة «شكراً - جنود- الخليج»؟! القرار بين أيديكم أفراداً، ومنظمات أهلية، ومؤسسات وطنية وحكومية. هنا.. وبين أيديكم.. أطرح مقالي هذا تغريدات أولية، والمسؤولية واقعة علينا جميعاً، فلنشترك في أداء الواجب، وننفض أسمال الغفلة.
Opinion
شكراً جنود الخليج
05 يونيو 2015