يقول المثل؛ صدق نصف ما ترى وربع ما تسمع، ولكن ماذا عن المعلومات والمغلوطات التي نستلمها من خلال برامج وسائل التواصل الاجتماعي، والتي «تهف» علينا يميناً ويساراً وتخترق أوقات عزلتنا، لنكتشف أنها إما معلومات وهمية أو مغلوطات، وإن كانت حقيقية ولكن للأسف يتضح بعد فترة زمنية وجيزة أنها منتهية الصلاحية، إلا ما ندر منها. بتاريخ 13 يونيو 2014، كتبت مقالاً بعنوان «الطرارة المستوردة»، و«الطرارة» كلمة مستهلكة في دول مجلس التعاون الخليجي يقصد بها التسول. مبينة فيه، أنه بالرغم من الضيق الاقتصادي الذي من الممكن أن يكون السوار الخانق لبعض العائلات البحرينية، والتي بلاشك بحاجة إلى الدعم الذي تستحقه لكي تنعم بحياة رغيدة، إلا أننا شعب متعفف عن الطلب والسؤال نعتمد على حكمة المسؤولين في الوزارات المعنية بناءً على ما جاء في المرسوم الملكي رقم «67» لسنة 2006، بشأن منع التسول والتشرد. وذكرت في المقال هذه الظاهرة الغريبة التي تفتك بخلايا مجتمعنا، حيث إنني أشاهد متسولين من جنسيات آسيوية يجوبون في بعض شوارع المملكة، متسائلة حينها عن سبب ذلك، فالذي دفع هذا الإنسان لممارسة هذا السلوك هو حاجته المادية بلاشك. ولكن، هل من واجبنا -في المقابل- أن نفتح لهم مراكز الإيواء ويقوم الناس بالتبرع للمركز الذي مهمته أن يهتم بهم ونخصص لهم ميزانية، وننسى المواطنين الذين هم أولى بالمساعدة؟ ولا أزال أذكر أنني استلمت التعليل والتبرير من أحد المسؤولين لدور الإيواء في مملكة البحرين من خلال اتصاله الهاتفي، وكيفية سعي المراكز المعنية في الحد من هذه الظاهرة، وأنه في حال مصادفتي لهذا الأمر علي أن أقوم بالتبليغ مباشرة كي يتم معالجة الأمر بالطريقة التي ينص عليها القانون.يعني -ولله الحمد- يوجد لدينا قانون، ويوجد من يأخذ به في الأمور التي تكون ملموسة على حد قليل. ولكن ما هو القانون الذي يمكن أن يتم إصداره كي نتمكن من مواجهة نوع حديث من التسول ألا وهو «التسول الإلكتروني»، والذي يدعك أمام مجموعة من التساؤلات التي تجول في بالك؟. فبعد أن تتساءل عن مدى صحة المعلومات الواردة يتبادر إلى ذهنك السؤال الثاني مباشرة: «هل أن الناس لم يعد لديهم الطاقة للمتابعة مع الوزارات المعنية لكي يحموا حقهم الإنساني والاجتماعي من حاجة الطلب والاستعطاف، أم أنهم استساغوا الطريق القصير بعدم البحث والتنقيب عن العمل للحصول على قوت يومهم بالطريقة التي ترضي الله وضميرهم؟!». فإن كانوا قد حاولوا واتجهوا للجهات المعنية سواء للسؤال عن العمل أو لعلاج في الخارج أو الداخل -كما نستلم يوماً بعد يوم-، يرجى ذكر الواقعة التي يوجهونها أمام الملأ لكي يتأدب الموظفون المستهترون بواجباتهم، وأنه لا يحق لهم أن يستهينوا بحقوق الناس فقط لأن لديهم منصباً رفيعاً. مع العلم أنه توجد نوعية من الموظفين والمسؤولين الذين يرفع بهم الرأس لشدة أمانتهم في العمل والذين يحرصون كل الحرص على تأدية واجبهم على أكمل وجه. فرسالتي لهؤلاء المتقاعسين عن أداء عملهم بما يرضي المنطق والضمير الوجداني «اتقوا الله في عملكم».صدق الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه عندما قال: «العجز آفة، والصبر شجاعة، والزهد ثروة، والورع جنة، ونعم القرين الرضا».