هكذا يقول كل من ينتمي للمعارضة في سوريا؛ فهو يتمنى ويتوقع أن تنتصر المعارضة على نظام بشار الأسد لتعود سوريا من جديد إلى الحياة. وهكذا يقول أيضاً كل من يؤيد نظام بشار الأسد، فهو يتمنى ويتوقع أن ينتصر النظام على كل معارضيه ومحاربيه لتعود سوريا من جديد إلى الحياة. من ينتمي إلى التنظيمات الإرهابية أيضاً يقولون إن رايات النصر تلوح في الأفق، وكذلك يقول المتعاطفون معها ومشجعوها، هؤلاء يتمنون ويتوقعون أن تنتصر هذه التنظيمات في سوريا والعراق وأفغانستان ولبنان واليمن وفي كل العالم كي يسود العدل الذي يرون أنه لا يمكن أن يسود إلا على أيديهم. يقابلهم كل من يتخذ موقفاً من هذه التنظيمات ويتمنى ويتوقع أن يقضى عليها سريعا، فهم يرون أيضاً أن رايات النصر تلوح في الأفق. وهكذا يقول أيضاً كل من يتخذ من إيران موقفاً سالباً أو موجباً، وكذلك كل من يتخذ من الحوثيين موقفاً سالباً أو موجباً، ويقول الأمر نفسه كل من يقف مع أو ضد فريق من الأفرقة العربية الإسلامية التي يبدو أن عناصرها ستنتهي قبل أن يتحقق لأحدها ولو شيئاً يسيراً من النصر!من يستمع إلى خطابات الأمين العام لحزب الله يعتقد أن الوقت المتبقي لحصول النصر هو ما تبقى من وقت لخطابه، ومن يشاهد الفضائيات الإيرانية وتلك المنضوية تحت لوائها يعتقد أن النصر سيكون لكل من تؤيده إيران وأنه سيتحقق قبل أن يقوم من مقامه، ومن يستمع أو يشاهد عبدالملك الحوثي وهي يتحدث عن النصر الذي يلوح في الأفق يعتقد أن كل دول التحالف بقيادة السعودية ستشهد في غضون أيام قليلة هزيمة نكراء، ومن يستمع أو يشاهد أو يقرأ ما يقوله هذا الطرف أو ذاك عن النصر الذي يلوح في الأفق يعتقد أن نهاية كل هذه الفوضى التي تعيشها البلاد العربية والإسلامية قد أزفت وأن الحياة المثالية على الأبواب. المؤلم في كل هذا التفكير هو أن الحقيقة والواقع يؤكدان أنه لا يلوح في الأفق سوى الدمار والخراب، ولا يرى سوى الغربان تنعق وتبشر بمزيد من الفوضى والدمار والخراب والأسى، فما يجري منذ نحو خمس سنوات لا يأتي من ورائه أي نصر، لا لهذا الفريق ولا لذاك. يكفي للتأكد من هذه الحقيقة إحصاء الخسائر التي يتكبدها كل طرف يومياً جراء هذا الاقتتال المجنون.ليس من فريق من هذه الفرق يتراجع إلا ليعيد تنظيم صفوفه كي يتقدم من جديد، وليس منها من يمكن أن يرفع الراية البيضاء حتى لو لم يتبق منها أحد. كل من يقول إن هذا الفريق أو ذاك يستعد للهزيمة بدليل كذا أو كذا لا يخرج قوله عن التمني، وكل من يهتم بنشر الأرقام الكبيرة لخسائر الآخر يدرك تماما أنها غير حقيقية لأنها لو كانت كذلك لتحقق النصر الذي يحلم به.للأسف لا نصر سيأتي لا لهذا الفريق ولا لذاك. هذه حقيقة صادمة ولكن يؤكدها الواقع والمنطق، فلا يوجد على الأرض ما يمكن الركون إليه في القول إن هذا الفريق أو ذاك على أبواب النصر. في العراق مثلا قيل الكثير عن انتصار القوات العراقية وتحريرها للمحافظات والمدن والقرى وانتشرت الأخبار حتى ظن العالم أن المشهد التالي هو استعراض من تبقى من الدواعش وهم يضعون أيديهم متشابكة على رؤوسهم والجنود العراقيون يقودونهم بالأسلحة لكن الجميع فوجئ بسيطرة داعش على مناطق جديدة في العراق. الأمر نفسه حدث ويحدث في سوريا ولبنان وليبيا وغيرها من دول يراقب كل فريق فيها النصر وهو يلوح في الأفق!