يقع الموت كبيراً ثم يبدأ في الصغر، هكذا تبدو لي قضية اليمن في العيون الخليجية، بدأت من الحزم ثم ارتخت.!! قد تتصاعد وتيرة النجاحات العسكرية لـ«عاصفة الحزم»، فيما تتجرع غصات المرارة لخيبات انحدارها إعلامياً بلا هوادة.!!في سؤال طرحته على بعض النخب العسكرية والسياسية والأكاديمية بـ«مجموعة مراقبة الخليج» قبل يومين، حول غياب دور الإعلام الخليجي التعبوي في معركة اليمن، أجابني أحدهم؛ «يبدو أن الوزارات والإعلام والحكومات في الخليج العربي خجلة من الاحتفاء بالمشاركة، نجد تفاعلاً من الإعلام السعودي فقط، والإماراتي بدرجة أقل، والبقية غائبون.»!!عندما توقفت للتفكير في إجابته، وجدتها منطقية جداً، ولكنها في نفس الوقت أجبرت علامات التعجب على القفز من فوق عقلي؛ فإذا كان الغرض من معركة اليمن «عاصفة الحزم» هو استعادة الشرعية.. لمَ الخجل؟! إن كان الهدف من تلك العمليات الحفاظ على أمن واستقرار الخليج والعمق الاستراتيجي له وللمملكة العربية السعودية خصوصاً ما يعني أنه حق مشروع.. لمَ الخجل؟! مادام اليمن جزءاً لا يتجزأ من العروبة والخليج العربي ولو جغرافياً ويواجه المهددات الأمنية التي ستطال دول مجلس التعاون الخليجي بلا أدنى شك في حال سقوطه أو تردي أوضاعه.. لمَ الخجل؟!  إن كان الحق مخجلاً إلى هذه الدرجة.. فهنيئاً للباطل.!!السؤال موجه للقيادات الإعلامية في الخليج العربي، في البحرين والكويت وقطر، وإلى الإمارات والسعودية بدرجة أقل على التوالي، «عاصفة الحزم» منذ انطلاقتها لاقت ترحيباً وحظوة شعبية وحماساً من قبل السواد الأعظم من الخليجيين، فيما لا يبدي الإعلام الرسمي على أقل تقدير أي حماس، فهل يمكن تبرير ما يشهده إعلامنا الخليجي من غياب أو تغييب للقضية اليمنية بالتخوف من ردود فعل بعض الفئات والأقليات الموالية لإيران والمتماشية مع المزاج العام للحوثي وإرهابه؟!  وإن كان.. فما عسانا نسميه؟!! تراخ متعمد لأغراض أمنية أم رخاوة؟!! قادتني بعض التعليقات كذلك للحيرة.. هل لذلك علاقة في الجهة المقابلة بموقف الحوثي الحازم مع وسائل الإعلام اليمنية وإحكام الخناق على الإعلام الدولي الذي تمخض عن كتم الكثير من الأصوات؟ هل نجح الحوثي في تكميم الأفواه وخنق حرية التعبير بعد توجيه إرهابه للعاملين في المؤسسات الإعلامية بالملاحقة والاعتقال؟! وما أخشى طرحه فعلاً.. سؤال أدعو الله -عز وجل- ألا تكون إجابته «نعم»، ولكنه سؤال مشروع -حسبما أعتقد؛ هل لذلك علاقة ما بصمت الإعلام الخليجي؟!!لعل من أكثر الأسئلة الجدلية و»العبطية» في آن؛ «من يكتب التاريخ؟!»، وهو ما يقودني حقيقة للتساؤل إن كان قادة الإعلام في الخليج العربي وغيره يدركون أن الجزء الأكبر من مسؤولية كتابة التاريخ ملقى عليهم، وأن الحقيقة التي يملكونها إنما هي ثروتهم في إنصاف تاريخ بلدانهم ومجتمعاتهم، وأنهم مسؤولون عما يتعرض له تاريخ الخليج العربي المعاصر من تغييب، في مفاصل مهمة وحيوية منه.  أتساءل لماذا يدون الإعلام الخليجي إخفاقاته بخطوط عريضة، فيما تتوارى بين السطور، هنا وهناك بضع كلمات مبطنة حول إنجازات ومواقف عظيمة ومشرفة، أم أن موازين المبادئ قد انقلبت، ومفاهيم الأخلاق تغيرت، حتى أصبح الشرف في زماننا هذا عاراً نواريه عن أعين الناس وكافة حواسهم الإدراكية؟!! - اختلاج النبض..عندما يكون الإعلام الأرشيف الأعظم لذاكرة المجتمعات، ونصاب بالفشل في تدوين مذكراتنا وحفظ ذاكرتنا من خلاله، علينا ألا نعترض يوماً إن قدم لنا الآخر -أياً كان- صورة مشوهة، وعمل على تقزيمنا يوماً تلو الآخر في إعلامه ومناهجه وسياساته، لأن الوطن إن لم يكن مرفوع الراية بسواعد أبنائه لن يحترم يوماً، ولن يسطر له في قواميس المجد حرفاً، وسيكون أبناؤه وحدهم الحكم على إعدامه في ساحات المجتمع الدولي. فهل وصلت الرسالة؟