المتابع لتصريحات من يعتبرون أنفسهم معارضة، خصوصاً أولئك الذين اختاروا الإقامة في الخارج، يلاحظ أنهم يركزون في هذه الفترة على مجموعة من العناوين أبرزها ثلاثة يسعون من خلالها إلى تشويه سمعة المملكة؛ أولها القول إن الحكومة تستهدف النشطاء، وثانيها إنها تمنع حرية التعبير، وثالثها عدم نزاهة القضاء. بل أن هذه العناوين الثلاثة اختيرت لتكون موضوعات ثلاث ندوات تعقد هذا الأسبوع في جنيف. أما المثير فهو أنهم لا يستطيعون أن يثبتوا كل هذه الادعاءات.لو كانت الحكومة تستهدف النشطاء، كما يقولون، لما سمحت لأولئك الذين يزدادون نشاطاً وحماساً ظهر كل يوم للمشاركة على الهواء مباشرة من البحرين في البرنامج الذي تخصصه فضائية «العالم» الإيرانية منذ عدة سنوات للإساءة إلى البحرين، وترحب خلاله بكل من يرغب في سبها وشتمها، ولو كانت الحكومة كذلك لما أبقت ناشطاً سياسياً أو حقوقياً أو غير ذلك ولأودعتهم جميعهم السجن، خاصة وأنه يمكن بكل بساطة محاسبتهم على تجاوزاتهم الكثيرة وتطاولهم، حيث يتوفر القانون الذي يحكم هذا الأمر.ولو كانت الحكومة تمنع حرية التعبير لما تمكن هؤلاء من توصيل ما يريدون توصيله إلى كل مكان في العالم ومن داخل البحرين وعبر مختلف وسائل الاتصال والإعلام، ولما سمح لهم بالخروج في مسيرات ومظاهرات وتنظيم الاعتصامات وعقد الندوات ونشرها عبر بعض الصحف ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، بل أن بعض تلك الندوات تبث مباشرة ويتابعها الجمهور عبر فضائيات العالم والمنار وغيرهما.أما القول بأن القضاء غير نزيه فقول مردود عليه؛ لأن من الطبيعي أن يقول بمثل هذا القول كل من لا يحكم القضاء لصالحه، فمن يحكم القضاء لصالحه لا يقول مثل هذا الكلام لأن الحكم جاء في صالحه. هؤلاء يرون أن القضاء عادل لو جاءت أحكامه كلها كما يريدون، لكنهم لا يترددون عن القول بأنه غير نزيه وظالم وفيه ألف عيب وعيب لو أن الأحكام جاءت في صالح الآخر، أياً كان ذلك الآخر.هؤلاء الذين يروجون لهذه العناوين يطالبون بحكم القانون لكنهم يرفضون تطبيقه عليهم. هذا باختصار سبب ترديدهم لتلك الادعاءات. هم يعتقدون أن من حق الناشط في كل مجال أن يفعل ما يشاء ويقول ما يريد من دون أن يخضع لحكم القانون، ويعتقدون أن من حق كل مواطن أن يقول ما يشاء ويفعل ما يشاء ويتجاوز كل الأعراف والقيم والتقاليد والقانون؛ وإلا فإن البلاد تعاني من غياب الحريات، ويعتقدون أن القضاء يجب أن يحكم لصالحهم في كل الأحوال وإلا فإنه غير نزيه.ليس صحيحاً القول إن الناشطين مستهدفون، وليس صحيحاً القول إن الحريات ممنوعة، وليس صحيحاً القول بعدم نزاهة القضاء، فكل هذه ادعاءات لا يمكن إثباتها حيث يوجد ما يؤكد عكسها، ولكن يمكن القول إن البحرين تمر بمرحلة تتطلب أن تكون الأجهزة المعنية بالأمن فيها أكثر انتباهاً ويقظة وحرصاً على توفير الأمن والأمان للمواطنين والمقيمين، وإن هذه المرحلة تستدعي ملاحظة الناشطين في مختلف المجالات والتأكد من عدم تجاوز القانون بذريعة الحريات.البحرين تمر بمرحلة استثنائية، في هذه المرحلة من الطبيعي أن يكون «البصر حديد»، سواء بصر الحكومة أو بصر من يعمل ضدها، الحكومة تزيد من جهدها كي تضمن عدم تجاوز القانون ولتشعر المواطنين والمقيمين -كونها المسؤولة عنهم- بأنهم في أمان، ومن يتخذ موقفاً سالباً من الحكومة يزيد من جهده ليثبت بأن النشطاء مستهدفون وأن الحكومة تمنع حرية التعبير وأن القضاء غير نزيه، وغير هذه من ادعاءات هي في كل الأحوال ليست غريبة في مثل هذه المرحلة.