الرأي

عاد رمضان وعاد قلمي

المسيــــر


ما أشبه الليلة بالبارحة، كنا فيها نهمس معاً على ضفاف الخير، وتتشابك أرواحنا حباً وطمعاً في خير أنزله رب البرايا على عباده الأخيار.. ويشرق البدر المطل على أرواح تسامت عن كل الدنايا، وغدت تعزف معزوفة الخير على أوتار الأمل.. عدت يا رمضان وعاد قلمي معك يتحدث عن المسير.. عدت بخير أسكبه على نفسي المقصرة لأرتوي من ماء الإيمان، وأتسلح بركائز روحية تعيدني إلى واحة القرب من مولاي العظيم.. عاد قلمي مع عودتك يا رمضان لأكتب من جديد سطوراً جديدة بأيام جديدة تتعاظم أحداثها، وتتشابك أطيافها، ويشرق فجرها على أنفاس جديدة بحياة جديدة وبروح ترنو إلى أفق أكثر إشراقاً وبهاء وصفاء..
عدت يا رمضان.. بعودة قلم يكتب لنفسه قبل الآخرين.. يكتب من جديد على أمل أن يعيد نفسه إلى مكامن الخير على عتبات الحياة المضطربة.. كأني بالأمس ألبس ثياب العيد أتبادل التهاني مع أحبابي وأهلي ورفاقي.. ثم التفت فجأة بسنة تمر علي كطيف عابر.. يا الله عام مضى من عمري.. أستذكر فيه صعاباً وخطوباً ونوائبَ.. أستذكر فيه بشاشة الذكريات العطرة التي تعطيني دفعة إيمانية قوية تعيدني إلى جادة الصواب.. أراجع حساباتي.. أراجع تلك الصحائف التي كتبت فيها الآمال الكبار، واكتحلت عيني بصور الخيال الخصب الذي أطمح أن أحوله إلى واقع ملموس في كل يوم يرد فيه روحي من جديد.. بفرصة جديدة.. يا ترى هل تحققت تلك الخيالات الجميلة، وتلك السطور التي كتبتها في صحائف «المسير»!!
قررت بعد قطرات من الدمع أن أبدأ بحياة جديدة أخرى.. بمحطة أخرى من حياتي.. أرسم أجمل المعاني.. وأنثر بذور الخير في كل نفس أصافح أناملها.. فالحياة الإيمانية المتجددة تنبسط للنفوس الطيبة المحبة للخير، فتطفىء لهيب الظلام، وتعطي النفس الأمل لغد أجمل ولحظات أجمل نبصم فيها بصمات العطاء المتجدد في كل أرض تطؤها أقدامنا.. بصمات ننويها في نفوسنا، برقي أعمالنا، بأخلاقنا الرائعة، بصدى خواطرنا، بإحساسنا المرهف في حب ميادين الخير.. إنها المعاني «الإيجابية» التي جاشت بها نفسي.. عندما طرقت باب «واحات رمضان»..
«هنا رمضان» المحطة الأجمل في حياتنا تتجدد اليوم في حياة كل مسلم قرر أن ينبت على أرض حياته أزهار الخير وكل بصمات العطاء.. فرصة لتوبة جديدة وإقبال جديد على الملك الديان.. فيا رب البرايا قربنا إلى بابك وأفرحنا بقربنا إلى جنابك.. وبلغنا كل رمضان غير فاقدين ولا مفقودين.