الدولة البحرينية عمدت في العقود الأخيرة إلى نبذ الدراسات والتهرب منها والاستعانة عنها بالمبادرات والتوجهات الفردية القائمة على ردود الأفعال الآنية، وعلى سبيل المثال ففي الفترة بين منتصف السبعينات ومنتصف الثمانينات من القرن الماضي كانت الدولة تعتمد على التخطيط من خلال «لجنة الخيارات الاستراتيجية»، وكان لدينا حد أدنى للأجور على أساس الأجر اليومي، وكان عندنا ميزانية أسرة وضعت بناء على دراسة أشرفت عليها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وكان لدينا قانون لتحديد الأسعار والرقابة عليها يقوم على تحديد هامش ربح لكل البضائع والسلع بما فيها السيارات، وكل هذا اختفى وتم محوه من ذاكرة الوطن بعد ذلك.وفي العام 2008 استبشرنا خيراً بالعودة إلى الأخذ بأسلوب الدراسات والتخطيط، وهو الأسلوب العلمي الحديث والصحيح الذي تدار به الدول، وذلك عندما صدرت رؤية البحرين 2030 والاستراتيجية الاقتصادية الوطنية 2009-2014 وكلتاهما تقومان على دراسات وخطط ومبادرات وأهداف ومعايير مقارنة للنجاح أو الفشل، على أن يتم مراجعة الرؤية والاستراتيجية في نهاية دورة كل ميزانية للدولة للتعرف على ما تحقق وما لم يتحقق ولماذا، غير أنه لا المراجعة حدثت ولا تذكر الرؤية والاستراتيجية حدث لا من قبل السلطة التنفيذية المعنية بتنفيذهما ولا السلطة التشريعية المعنية بمراقبة ومحاسبة السلطة التنفيذية وسؤالها عن مصير الرؤية والاستراتيجية، وبالتالي أصبحت الرؤية مرادفة لكلمة الحلم.ومن هنا فعندما نتحدث عن دراسة الدعم ونطالب بأن تستبق أي خطوة أو مبادرة في هذا الشأن، فإن مستقبل الدعم وشكله المستقبلي مرتبطان ارتباطاً مباشراً بوضع دراستين أخريين تتعلق الأولى بالحد الأدنى للأجور حيث تعرف الدولة من خلال تحديده بأي أجر يومي أو راتب شهري يستطيع المواطن أن يعيش وأن يوفي بالتزاماته الحياتية والمعيشية.والدراسة الثانية، والمرتبطة بها هي دراسة ميزانية الأسرة البحرينية المتوسطة الحال والعدد، وهي الدراسة التي وضعت مرة واحدة ولم تتكرر بعد ذلك، والتي تبين هي كذلك بأي دخل شهري تستطيع الأسرة البحرينية أن تعيش وأن تحقق الاكتفاء الذاتي في المعيشة والصرف على نفسها.ودراسة الحد الأدنى للأجور ومعها دراسة ميزانية الأسرة أساسيتان لدراسة الدعم ومستحقيه، أي أن الدراسات الثلاث ضرورية ومكملة لبعضها البعض.