البيان الذي صدر الأحد الماضي مذيلاً بتوقيع «القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة» للتعبير عن التعاطف مع أمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان تضمن فقرتين تناقض إحداهما الأخرى؛ جاء في الفقرة الأولى أنها «تحمل السلطة مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية»، وجاء في الثانية أنها «تؤكد على حرصها وتمسكها بالسلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي والعمل السلمي ورفض العنف والإرهاب.. والذي يتطلب المزيد من اليقظة والحذر من الجميع، خصوصاً وأن بلادنا تتعرض لتهديدات إرهابية».الأولى تخفي رسالة تتضمن تهديداً واضحاً بزعزعة الأمن في حالة صدور حكم بالسجن على أمين عام الوفاق، أي أن البلاد ستشتعل ولن يشعر فيها أحد بالأمان لو أن الحكم جاء على غير ما تشتهي «قبل الثلاثاء توعد كثيرون عبر تغريدات ساخنة وتصريحات لفضائية «العالم» الإيرانية بإشاعة الفوضى في البلاد في حالة صدور الحكم بغير البراءة»، والثانية تقول إن «المعارضة تتمسك بالسلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي والعمل السلمي»، والقولان كما هو واضح متناقضان لأنه لا يمكن أن يتحقق العمل السلمي في وجود أعمال التخريب والتأثير على الأمن بممارسة العنف والشغب. من يقوم بهذه الممارسات لا يمكن أن يقال عن عمله بأنه سلمي، ومن يهدد بجرح الأمن في حالة صدور حكم لا يرتضيه لا يمكن أن يقنع أحداً بأنه متمسك بالسلم الأهلي ويسعى إلى الاستقرار الاجتماعي. أما ما ورد في البيان عن أهمية «تجنيب بلادنا ويلات وتبعات الاحترابات الإقليمية وتداعياتها» فهذا أمر لا يختلف عليه اثنان، لكنه يحتاج إلى عمل وليس إلى بيانات، وهذا العمل لا يمكن أن تقوم به الحكومة بمفردها وإنما يحتاج إلى «تدخل القوى المعارضة» على اختلافها ومشاركة من الجميع، ذلك أن الإرهاب الآتي من الخارج لا يفرق بين أحد ولا ينتقي، وأبسط الأمور التي يمكن أن تقوم بها هذه القوى الآن منع المراهقين من ممارسة أعمال الشغب والفوضى والتخريب التي لا يتضرر منها سوى الناس، ومنع استخدامهم وقوداً وأدوات لتحقيق مآرب السياسيين. على الأقل كي لا توصف بالإرهاب.خيار التخريب والإساءة إلى الأمن لا يتناسب مع الجمعيات السياسية الديمقراطية ولا مع الشهر الفضيل، وبديله هو الاستفادة من الجو العام الذي يوفره هذا الشهر كي تتهيأ الظروف للعودة إلى الحوار الذي يأمل الجميع حصوله باعتباره الطريق الوحيد للخروج مما صرنا فيه. الأفضل من التهديد بممارسة أعمال التخريب والتسبب في أذى الناس ونشر الفوضى ومن اتخاذ هذا الخيار كرد فعل على صدور حكم لا ترضى عنه هو المساعدة في تهدئة الأوضاع واتخاذ خطوات عملية تقنع الحكومة بأنها راغبة فعلاً في إغلاق هذا الملف وتريد التعاون معها على إعادة الأمور إلى نصابها، وتريد العودة إلى الحوار. صدور حكم لا يبتغيه الجمهور ينبغي ألا يكون فرصة لهذه القوى لتهييجه واستغلاله ودفعه لممارسة أعمال العنف والتخريب، فالحكم -أياً كان- لا يمكن أن يكون سبباً لتجاوز القانون الذي ظلت «المعارضة» على اختلاف مشاربها تدعو إليه، فليس منطقاً المناداة بدولة القانون ثم رفض القانون عندما يطبق على من نادى به. لا بـــأس أن تصـــدر «القــوى الوطنية الديمقراطية المعارضة» بياناً بالمناسبة، فهذا دورها وواجبها ومن صميم عملها، لكن ليس مقبولاً منها الإيحاء بنشر الفوضى وممارسة أعمال التخريب لو أن الحكم لم يأت على الكيفية التي تريد، كما أنه ليس منطقاً القول إن كل ما نعيشه اليوم هو نتاج سياسة الحكومة واعتبار ما عداها خارج المسؤولية.البيان المذكور احتوى تناقضات ودعوات إلى ممارسة العنف لا يليق توجيهها من قبل «قوى وطنية ديمقراطية»، وكان الأجدر تدقيقه قبل إصداره.
Opinion
تهديدات «القوى الوطنية الديمقراطية»
18 يونيو 2015