تعبير البعض عن عدم الرضا على الحكم الذي صدر ضد أمين عام جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان، سواء بالخروج في مظاهرة أو التغريد على «تويتر» أو التصريح للفضائيات، وغير ذلك من سبل التعبير أمر طبيعي، فأي جماعة تجد أن من تعتبره رمزاً لها نال حكماً قضائياً تعتبره قاسياً يمكن أن تفعل الشيء نفسه، لكن ما هو غير طبيعي الاستمرار في هذا التعبير والمبالغة فيه.فمن غير المعقول ولا المقبول إشاعة الفوضى والقيام بأعمال التخريب وممارسة العنف، وإن بمسمى السلمية والاستمرار في هذا النهج، بينما الجميع يعيش شهر الغفران بسبب حكم قضائي لا يمكن لأحد تغييره سوى القانون الذي يوفر للمحكوم عليه فرصة الاستئناف، وهذا دور المحامين الذين اختاروا الدفاع عنه، وهذا يعني أن الاستمرار في رد الفعل هذا لا يمكن أن ينتج ما يفيد أمين عام الوفاق، بل على العكس قد يضره ويسيء إليه وإلى جمعية الوفاق، التي قد يؤدي بها هذا إلى الوقوع بشكل كامل في حضن ائتلاف شباب فبراير الذي سيستغلها ويمارس أنشطته باسمها وهو رافع رايتها. من الطبيعي أيضاً أن تعبر الجمعيات السياسية المتشاركة مع الوفاق عن تعاطفها وتبدي ملاحظاتها التي ربما تصل إلى انتقاد القضاء واعتبار الحكم «سياسياً بامتياز»، كما يردد البعض وتصدر البيانات. كما أن من الطبيعي أن يبادر حزب الله في لبنان بإصدار بيان ينتقد فيه الحكم ويهاجم الحكومة وكأنه جزء من المشهد السياسي المحلي، وكذلك من الطبيعي أن تستفيد إيران من هذه الفرصة فتصرح المتحدثة بوزارة خارجيتها بما تشاء وتصف ما يجري في البحرين بالكيفية التي تقدر أن جمهورها يرتاح منه. كل هذا طبيعي ومفهوم ومعلومة أسبابه؛ لكن ينبغي ألا يستمر، لأن استمراره بالنسبة لحزب الله وإيران يوقعهما في باب التدخل في الشؤون الداخلية بشكل علني ومفضوح، ولأن استمراره من قبل أعضاء الوفاق والمتعاطفين معها يدخلهم في باب التجاوز على كل الثوابت ويؤثر سلباً على الحياة اليومية للمواطنين والمقيمين ويزيد من تعقيد المشكلة.هذه المرحلة تحتاج إلى الهدوء وليس إلى تهييج العامة، وهذا دور «القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة» التي عليها أن تستفيد من أجواء شهر رمضان المبارك وتتعاون مع الجهات والأفراد الذين قيل إنهم بدؤوا العمل في تقريب وجهات النظر وإعادة وضع أساس للانطلاق نحو التفاهمات المفضية للحوار الذي لابد منه في كل الأحوال ولا مخرج لنا مما صرنا فيه غيره. هذه المرحلة ينبغي أن يتدخل فيها -إلى جانب الحكماء والعقلاء- السياسيون من كل الفرق كي يمنعوا أولاً استغلال المستغلين لهذا الظرف لتحقيق مصالحهم الضيقة والشخصية، وكي يضعوا حداً للتهور الذي لا يمكن أن يوصل إلى مفيد، وليسهموا بدورهم في تأسيس أو إعادة تأسيس تلك الأرضية.من السهل تحريض العامة وتهييجهم وتحريكهم وإخراجهم في مسيرات ومظاهرات ودفعهم للقيام بأعمال التخريب والشغب وإشاعة الفوضى، لكن بما أن كل هذا لا يصب في نهاية الأمر في صالح أي قضية ويسيء إلى كل مهم لديهم، لذا فإن الخيار الآخر هو الذي ينبغي اعتماده والاستفادة من الجو العام الذي يتوفر في هذا الشهر المبارك.إن قضية حكم فيها القضاء لا يمكن التدخل فيها ولا شأن لأحد بها سوى فريق الدفاع الذي يعرف كيف يستخدم أدواته، التي ربما يتمكن بها من تخفيف الحكم عند الاستئناف، فهذه المساحة إن تدخل فيها من لا علاقة له بها تسبب في الإضرار بالمعنيين بها وزاد من تعقيد المشكلة التي يفترض أن الجميع الآن وصل إلى قناعة بأن حلها لا يكون بهذه الطرق التي تمارس في الشوارع ولكن يكمن في العقل.