ليس هنالك أهم من الأمن في هذه المرحلة من تاريخ الوطن العربي، ولا شيء أهم من حفظ الأنفس والأرواح والممتلكات العامة للناس الآمنين والمسالمين، وهذا الدور المفصلي في تاريخ العرب المعاصر، تتحمله الدول العربية ومعها كافة منظمات المجتمع المدني، فلا خير في تنمية دون أمان، ولا فائدة في نهضة من دون أمن.يبدو أن من أهم محطات الأمن الفكري والعقائدي للأمتين «العربية والإسلامية» هو شهر رمضان المبارك، وهو الشهر الذي يمثل محطة روحية مهمة للغاية تربي الفرد على احترام قيم المجتمع والنظام، فلا خير في صيام يجعل منك شخصاً كسولاً طيلة أيام رمضان، ولا فائدة مرجوة من مسجد رمضاني يعطيك تعاليم إرهابية باسم الدين.لقد شرع الله الصوم من أجل أن يكون وقاية للنفس الإنسانية من الوقوع في المحاذير الأخلاقية، حيث لا يمكن للصائم أن يمارس الإرهاب أو إيذاء الآخرين أو البطش بالآخر المختلف في شهر الله، بل وفي بقية أيام السنة، فشهر رمضان المبارك فرصة كبيرة للإنسان المسلم كي يصحح مفاهيمه وقيمه وسلوكه وفق المنهج القرآني، حيث الرحمة والحب والاحترام وتقديم الفضائل وطرد الرذائل.نحن لسنا فقهاء كي نفتي في تفاصيل رمضان، ونحن لسنا وعاظاً كي نوجه الناس نحو العبادة، لكننا وبأقل الفهومات الممكنة لمقاصد الدين والشريعة في رمضان المبارك، نستطيع أن نجزم بأن احترام الإنسان المسلم لمفاهيم وقيم هذا الشهر الفضيل كفيلة أن تجعل منه إنساناً يحارب الإرهاب وليس أن يكون إرهابياً، فالمساجد التي لا تصنع منك إنساناً محترماً هي مساجد ضرار، والصوم الذي لا يجعلك واثقاً من أعمال الخير والصلاح واحترام البشر، فهذا مجرد «دايت» أو «رجيم»، ينتهي مفعوله المؤقت يوم العيد.يعتبر شهر رمضان المبارك فرصة للمسلم كي يغير من عاداته وسلوكه ونمط حياته، بل يجب أن يغير من فوضى تفكيره وهو الأهم، وأن يروض سلوكه المنفلت والمتصاعد نحو الشر وإيذاء الآخرين، والأهم من كل ذلك أن يأمن الناس من أذاه، حتى نستطيع القول إن صومه كان صحيحاً.على الخطيب أن يتقي الله في خطبــه الرمضانية، وعلى الموظف أن يعمل بإخلاص في هذا الشهر الفضيل، كما يجب على الناس أن يلتزموا بالنظام والقانون، ويجب على المجتمع أن يتكفل بإعانة المحتاج وفق قانون التكافل الاجتماعي الذي ينبع من فلسفة الصوم.الصوم ليس أن نمتنع عن الأكل والشرب، فهذا ليس بالأمر الصعب، بل الصعوبة في صوم رمضان هو أن يحافظ الإنسان على وهج إنسانيته، وأن يظل الصوم حاجزاً له من فعل الشرور، وما دون ذلك يبقى كل شيء يفعله الصائم لا علاقة له بالصوم سوى الجوع والعطش.
قراءة في أمن رمضان
Opinion
قراءة في أمن رمضان
20 يونيو 2015