أثناء ترقبي لنتائج اجتماع هيئة الرؤية الشرعية لتحري هلال شهر رمضان المبارك؛ وما أن أعلن التلفزيون الرسمي أن «الأربعاء» المكمل لشهر شعبان وأن «الخميس» هو أول أيام رمضان الكريم إلا وسمعت أصوات تشبه أصوات النقر على الخشب، فركضت باتجاه النافذة لأتعرف على مصدر الصوت وإذا بهم عمال يثبتون لوحات إعلانية كبيرة بالقرب من مدخل المنطقة التي أسكن بها. توقعت في نفسي أن تكون هذه الإعلانات لبعض الجمعيات الخيرية التي كثفت حملاتها الإعلانية لحملات الخير وتجميع الزكوات والصدقات في هذا الشهر الفضيل، والذي يرتجي فيه كل مسلم مضاعفة أجره، ولكني تفاجأت بأن العمال يثبتون الإعلانات من الحجم الكبير لنائبنا الكريم؛ بل هي لنائبنا البلدي والنيابي كل على حدة.صور كبيرة وحديثة لوجوههم التي بان عليها الخير والراحة بعد فوزهم بالمقاعد النيابية والبلدية، وكتب على اللوحة يتقدم سعادة النائب بالمباركة لأبناء منطقته بحلول شهر رمضان الكريم.عن نفسي كنت أتمنى أن ينتهز النواب فرصة حلول شهر رمضان الكريم ليكونوا أقرب من الشعب، فهذه هي فرصتهم الاجتماعية الحقيقية في التواصل مع ناخبيهم، فكم هو جميل أن نرى النائب يطوف بين بيوت الأحياء السكنية للسلام والمباركة بالشهر الفضيل بدلاً من هذه اللوحة الإعلانية الفارغة من المضمون والمحتوى، ناهيك عن أن الكلفة الباهظة لهذه الإعلانات كان من الأجدر استخدامها في مساعدة الأسر المتعففة من أهل الحي، فإذا لم يحصل النائب على أصواتهم في الانتخابات القادمة سيحصد الأجر من الله عز وجل، ولكن أن تضع لنا صورتك وبحجم كبير فإنها بالنسبة لنا نحن الناخبين «لا تغني ولا تسمن من جوع». أعتقد أن السادة النواب سيكررون نفس الموضوع في عيد الفطر والأضحى وسيهتمون بوضع صورهم في الشارع للمعايدة على ناخبيهم، والأكيد أن عدداً منهم يقول الآن وهو يقرأ مقالي «شوف هالكاتبة المتفلسفة تبينا نروح نزور الناخبين واحد واحد ونبارك له بالشهر»، وأنا أقول «ولم لا؟!» ألم تحف أرجلكم لكسب أصوات وتأييد الناخبين قبل الانتخابات؟ ألم توظفوا لكم عدداً من المفاتيح الانتخابية ليقوموا بالطواف على جميع البيوت ليستجدوهم لكي يمنحوكم أصواتهم؟! ألم ترسلوا لنا ألف رسالة نصية على هاتفنا لتشحذوا ثقتنا بكم؟! إذاً ما المانع الآن أن تقوم بذلك أم أن «وجاهة» المنصب لا تتناسب مع هذا الفعل؟! «عوايدنا» في الشهر الفضيل هو أن نتواصل، وكم سيكون أجمل أن نرى عدداً من النواب يتواصلون مع ناخبيهم ليباركوا لهم بالشهر الفضيل، ناهيكم عن أخذ آرائهم وتقييم مستواهم في «المجلس النيابي والبلدي»، وتذكرت هنا إحدى صديقاتي التي تكرر دائماً أمنيتها في الاستماع إلى صوت نائب منطقتهم الذي لم يتحدث منذ أن دخل المجلس النيابي، والذي باتت تطلق عليه لقب «سمان ديغا»!! كل عام وأنت بخير سعادة النائب.. أعاده الله عليك وعلينا باليمن والبركات، وأبشرك أن صورتك هذه أفضل من سابقتها، حيث إن آثار العز باتت أكثر وضوحاً عليك، كما أن الثقة انعكست من خلال نظرة عينيك، والراحة أضفت بريقاً على وجنتيك، حتى شيب شعرك اختفى. .. ولكن اسمح لي بسؤال بسيط؛ هل كلفة هذه اللوحة من حر مالك؛ أما أنها من كلفة ميزانية المجلس النيابي والبلدي؟!