ما آل إليه الوضع المالي والاقتصادي نتيجة سياسات الحكومة الخاطئة، وإخفاقها خلال السنوات السبع الأخيرة في تحقيق التوازن في الميزانية والحد من الاقتراض، وتقليل الاعتماد على مصدر وحيد للدخل وزيادة الاعتماد على مصادر دخل بديلة تحقق التنمية المستدامة بدلاً من ربط مصير الوطن والمواطنين اليوم وغداً بتقلبات إنتاج وأسعار النفط.فليس صحيحاً ما قالته الحكومة في الاجتماع النيابي الحكومي المشترك الذي أشرت إليه أمس من «أن مبادرات تحسين الوضع المالي في مجملها تهدف إلى تقليل الحاجة إلى الاقتراض، فقد دأبت الحكومة على الاقتراض في السنوات السابقة بهدف تغطية مبالغ العجز في الميزانية لصرفها على الدعم وأوجه أخرى يستفيد منها المواطن وغيره».فالسياسة المالية الخاطئة والتي سارت عليها منذ بداية العقد الماضي -بدعم ومشاركة من المصرف المركزي- تقوم على المزيد من الاقتراض من أجل تسديد الدين بالدين، وهي سياسة أدت إلى تضخم الدين العام وخدمته ومن ثم أقساطه، وأصبح الاقتراض بموجبها هدفاً ليس من أجل تغطية عجوزات الميزانية ولكن من أجل الالتزام بتسديد أقساط الدين العام وخدمة الدين والتي بلغت في ميزانية 2015-2016 حوالي مليار ونصف المليار من الدنانير، وهو ما جعل وزارة المالية تؤكد لمجلسي الشورى والنواب أن الاقتراض أصبح أمراً حتمياً من أجل تسديد أقساط وخدمات الدين العام.أما القول إن الاقتراض من أجل تسديد العجز في الميزانية فقد رد عليه أعضاء المجلسين أكثر من مرة بقولهم إن العجز في الميزانية 30 مليون دينار والحكومة تقترض مليار دينار، ومن ثم تعجز عن تبرير أو توضيح أين ذهب وصرف مبلغ 970 مليون دينار!أضف على ذلك أن مجموع العجوزات في الميزانيات من 2009-2014 بلغت مليارين و400 مليون دينار، في حين أن الحكومة اقترضت من أجل تغطية هذه العجوزات مبلغ 6 مليارات و600 مليون دينار، فأين ذهب الفرق بين العجوزات والاقتراض والبالغ 4 مليارات و200 مليون دينار، وبالمقابل شهدت الميزانية العامة في السنوات من 2000 حتى 2008 (ماعدا 2002) تسجيل فوائض بلغ مجموعها ملياراً و600 مليون دينار، ولو أعادت الحكومة إلى الميزانية فائض الاقتراض (4.2 مليار دينار) وفائض الميزانيات (1.6 مليار دينار) لأصبح مجموع المبلغ المعاد 5 مليارات و800 مليون دينار وهو ما يعادل الدين العام في الوقت الحاضر.هذه الحقائق والأرقام تحتم على مجلس النواب أن يخرج من تحت عباءة الحكومة ويتصرف كسلطة تشريعية مستقلة تدافع عن مصالح الشعب، وأن يبادر إلى إعادة هيكلة الاقتصاد.