آليت أن لا أضع عنواناً لمقالنا الأسبوعي، لأن بعض من سأتناولهم بالرصد لا يستحقون أن يوضع لهم عنوان.ومن السخرية بمكان أن بعضاً من ساسة العراق الذين أتت بهم الدبابة الأمريكية ومكنتهم من بلد الخير والحضارات ليكونوا معول خراب وهدم تحت يافطة التغيير والديمقراطية الزائفة لينحدر تحت حكمهم إلى أسوأ بلدان العالم وفي كل مناحي الحياة، وهذا ليس تجن منا بل هو ما تتعقبه وتنشره الاستطلاعات العالمية ومختلف المنظمات الإنسانية.وبكل صلف وتبجح يريد اليوم أولئك الساسة تضليل الرأي العام العالمي بأنهم غدوا نبراساً للديمقراطية ومثلاً يحتذى به، ولو انحصر الأمر بهم وبتجربتهم الفاشلة لالتزمنا الصمت حتى وإن كذبوا على شعوبهم، فذلك شأن داخلي وشعوبهم كفيلة يوماً بالقصاص منهم.أما أن يتلون بعضهم ويريد أن يمثل علينا دور الناسك الزاهد والعابد الحامد ذو القلب الرحيم والناصح الأمين، ويوهمنا بأنه وريث مانديلا في نضاله وغاندي بخصاله؛ فهذا دور مفضوح لا ينطلي على شعوبنا ومملكتنا ودول المنطقة.ما استوقفني كثيراً هو بيان وزارة خارجية العراق، والذي يمثل تدخلاً سافراً في شأن داخلي لمملكة البحرين حول الحكم القضائي الذي صدر بحق أحد مواطنيه، أليس يكفينا ما تقوم به إيران من دور مشبوه في المنطقة؟ فلا تكن أنت والشيطان عوناً على أخيك.وأريد هنا أن أذكر القائمين على الشؤون الخارجية العراقية بأنه من السهل أن يجلس أحدكم على الأريكة الدبلوماسية ويصرح ما يشاء، لكنه من الصعب بمكان أن يدير دفة تلك المؤسسة العريقة دون خبرة ودراية فيتسبب بجهل أو بعمد في تأليب العداوة وخسارة الأشقاء والأصدقاء.والعراق اليوم بأمس الحاجة لأشقائه، وإننا كبحرينيين نرحب بنصحكم ومشورتكم لا حشركم لأنوفكم المزكومة، ولكن بعد أن تصلحوا داركم وتقيموا أعمدته المنهارة وتنجزوا كثيراً من الالتزامات تجاه شعبكم، وهي أكثر من أن تحصى، لكن سنوجزها لكم للتذكير والمناصحة، وليس تدخلاً أو تأليباً وتشهيراً كما تمارسونه ضدنا نهاراً جهاراً.أولها؛ حاولوا أن تحققوا المصالحة الوطنية التي ناديتم بها كثيراً لكنكم لم تتقدموا بها خطوة واحدة، وجدوا في التخلص من العقدة والنفس الطائفي المقيت الذي تمارسه أحزابكم وقياداتكم، والذي هو آفة الأوطان.وبسبب خلافكم وشتاتكم وانغلاقكم أزهقت أنفس عشرات الآلاف من العراقيين الأبرياء، ولم تستطع حكوماتكم المتعاقبة أن تنجز تحقيقاً واحداً ولا أن تقدم للقضاء مداناً واحداً، وكل تلك الانتهاكات مازالت تقيد ضد مجهول.أما في مجال حقوق الإنسان والبطش والتعذيب الذي يمارس ضد المعتقلين في الأقبية السرية والإعدامات بالجملة ضد مكون واحد والميليشيات التي فاقت الجيش النظامي عدداً وعتاداً؛ فهذا ملف بحد ذاته لو حدث في أي دولة لقدم أعضاء الحكومة استقالتهم الجماعية ولتواروا عن الأنظار خائبين مبلسين.أما فضيحة الجنود الفضائيون والنهب المنظم الذي أفرغ الخزينة العراقية من موجوداتها، حيث يقدر خبراء الاقتصاد أن واردات العراق من تصدير النفط قد فاق الترليون دولار خلال العقد المنصرم، ولم تستطع حكوماتكم المتعاقبة وأحزابكم المتضاربة أن تفي بوعودها في جزئية واحدة عانى منها العراقيون ثلاثة عقود من الزمان؛ ألا وهي مشكلة الكهرباء الأزلية، والتي يئس المواطن من الخروج منها وليست الصحة والتعليم والسكن وتوفير الأمن ومستلزمات الحياة الكريمة والبنى التحتية المنهارة بأحسن حال.أما محنة ملايين المشردين والنازحين واللاجئين الذين يتكففون لقمة عيشهم ويفترشون البطحاء ويلتحفون السماء، وهم أبناء أغنى بلد على وجه الأرض، فتفوق الوصف، وتلك بحد ذاتها تجعلكم تعملون ليل نهار ولا تترك لكم مجالاً للتدخل السافر في بلدان آمنة مستقرة ويحلم العراقي المبتلى يوماً أن تستقر بلده كمثلها.ولا أشك سعادة الرئيس العبادي أنك تعلم علم اليقين بأن من تسبب في تلك المعاناة هم كبار المتنفذين من طاقم سلفك تحت غطاء الحزب أو الدين، والتي عجزت هيئة النزاهة والقضاء عن ملاحقتهم لحد الساعة، إما بحماية أحزابهم وكتلهم أو بسبب ازدواج الجنسية والتي متى ما انكشف المستور نفذ السارق بجلده تحت جنح الليل إلى بلده التي نشاء فيها على العمالة ومليارات السحت من اليورو والدولارات قد سبقته إلى كبريات المصارف والشركات.فالانتهاكات والفساد والفوضى والخراب والدمار والتمزق الذي أصاب البلاد أكثر من أن يتحمله العباد، فأصلحوا رعاكم الله ذات بينكم وعمروا بالخير والألفة بيتكم ثم بعد ذلك سنسمع لرأيكم السديد ولنصحكم الرشيد..وقد قيل «من كان بيته من زجاج فلا يرمي غيره بالحجر».