السلوك هو البعد الوحيد من جانب الإنسان القابل للمراقبة الخارجية؛ وفي أزمة تفجير مسجد الإمام الصادق 26 يونيو 2015م كان مقدراً للكويت تجرع حصتها من المنغصات الإرهابية المعتادة، والتي بلغت في تاريخها أكثر من 40 عملاً إرهابياً، وحين نتتبع سلوك «داعش» لفهم دوافع العملية الأخيرة، وسلوك الكويتيين تجاه ما حدث، تتوفر لنا القراءة الأولية التالية:- إرهاب «داعش» هو نمط من إرهاب ما بعد القاعدة بأسلوب تنفيذه، وحشيته وتزامنه. وما تم هو تأكيد لحضور التنظيم كمنافس جهادي للقاعدة على المستوى الدولي، وهو مؤشر على ترقب المزيد من العمليات التي يحققها منفذ منفرد «Lone wolf» حتى ينهي التنظيم حالة الانتشار وإبراز القوة.- يعاني التنظيم من ضغط في ميادين معاركه؛ وعملية الكويت تملص استراتيجي لفك خناقه، ورسالة لأنصاره بقدرته على ممارسة سطوة العنف خارج القانون الدولي لإرباك خصومه وجعلهم يتفاعلون بشكل ارتجالي. - استشعر التنظيم تعكر أجواء المنطقة بمزاج طائفي جراء عنف سوريا والعراق واليمن، فشرع بإثارة القلاقل الطائفية لتوظيف الفوضى لخلق فراغ يستغله في غياب الحكومات المستقرة.من جانب آخر لا تخطئ العين ممارسة الكويتيين للسلوك الحضاري كمسلمين وعرب، فقد راهن الإرهاب أن كل الألوان الداكنة ستكون حاضرة لرسم تفاصيل المشهد الكويتي بعد التفجير، لكن الفاجعة تحولت لجرعة قلق إيجابي استجابت لها محصنات الوحدة الوطنية بردة فعل قللت طموح الإرهاب الاستثمارية في الكويت مستقبلاً.- تواجد الحكومة الكويتية القوي، والصلاة الجماعية بالمسجد الشيعي وتقبل العزاء بمسجد الدولة السني يشير إلى أن الكويت لم تترك «إدارة الأزمة» للغير، وإن تعالت أصوات غير مسؤولة تصف رجال الأمن بالقصور وكأننا تحت خط الفقر الأمني، فرغم أن المصاب جلل؛ إلا أن الرفض الشعبي كان عاماً وحازماً ضد من يروج لتقصير الداخلية حتى يختطف دور الدولة في حفظ الأمن.- ألقت أصوات بالذنب على «التحريضيين» والخطاب الديني الترويعي، ويمكن تفهم استجابة الحكومة العجول لامتصاص الغضب؛ لكن ما لا يمكن تفهمه هو انزلاق البعض لدرك التحريضيين أنفسهم وخطر تقاذف كرة التحريض بتحريض الدولة على شريحة اجتماعية وكأنها حواضن للإرهاب. - بالعجمي الفصيح..كان صمت صفوف المعزين أبلغ من فصاحة الشحنة الناسفة، ربما لأن الكويت ليس لها ذاكرة طائفية؛ وبضاعة الإرهاب مستوردة تم إيقاف تداولها بنجاح. فليس هناك داعشيون «لايت» وداعشي انتحاري؛ فالإرهاب فكرة في خطاب متهافت، أو تغريدة نشاز، قبل أن تكون سلاحاً في يد مجرم، وعلى الإرهاب جراء هذا الفشل تقديم أوراق اعتماد جديدة في الإقليم.