أمس شيعت مصر جنازة النائب العام المستشار هشام بركات، وسط حزن شعبي عام. عملية الاغتيال، ذكرتنا بجريمة اغتيال الراحل رفيق الحريري. التشابه ليس في أهمية الرجلين وتأثير غيابهما عن الساحة السياسية فحسب، بل في أسلوب الاغتيال، وقدرة الجهة التي نفذت العملية على تأمين متطلباتها، فضلاً عن أن المتهمين بالجريمتين لهما السمات ذاتها ويلعبان الدور ذاته في البلدين.استهداف النائب العام يختلف عن العمليات الإرهابية التي شهدتها مصر في الأشهر الأخيرة. اغتيال بركات كشف قدرات غير عادية للجهة المنفذة. بعض الأصوات المؤيدة لجماعة «الإخوان المسلمين»، سعى إلى توظيف عملية تفخيخ سيارة بهذه الكمية من المتفجرات، وتوقيفها في حي معروف، وتحديد مسار موكب النائب العام، في اتهام الحكومة المصرية بالوقوف وراء الاغتيال، معتبراً أن هذه التفجيرات «ممنهجة يقتات عليها الانقلاب، ويقتل أبناءه كما قتل المواطنين في الشوارع». وهذا اتهام «ميلو درامي»، حاول نفي التهمة عن الجماعة، فضاعف الشكوك حولها، ناهيك عن أن لـ «الإخوان» تاريخاً قديماً في اغتيال القضاة. لكن تنفيذ الجريمة في هذا الشكل المتقن، أثار مخاوف مواطنين، وطرح تساؤلات عن حجم اختراق الجماعات الإرهابية وخصوم النظام، أجهزة الدولة.رد فعل بعض الشخصيات المسؤولة والمحسوبة على جماعة «الإخوان»، الشامت، وإن شئت المبتهج، باغتيال النائب العام، لم يترك مجالاً لإخراجها من دائرة الاتهام، فضلاً عن أن التلويح بمزيد من الإرهاب، والعنف، إذا لم تستجب الدولة مطالب الجماعة، شكل إدانة لـ «الإخوان المسلمين»، وشكك في صدقية ادعاءاتهم حول التمسك بالحلول السياسية، والطرق السلمية. موقف الجماعة غير الأخلاقي من جريمة اغتيال النائب العام المصري، مؤشر إلى رفضهم فكرة المصالحة والحوار، وهذا الموقف فرض رد فعل غاضباً في الأوساط المصرية، وتعالت أصوات وطنية مؤثرة تطالب الحكومة باستعجال تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة في حق قيادات الجماعة وأعضاء فيها، وإعلان حال طوارئ واتخاذ إجراءات صارمة رداً على الجريمة، وحفاظاً على سلامة البلد، فاغتيال النائب العام يعني السعي إلى هدم الدولة، وإشاعة الفوضى.لا شك في أن اغتيال النائب العام المصري خلق تحديات ضخمة ومعقدة أمام الحكومة المصرية. فالتريث أمام الابتزاز والإرهاب خذلان لغالبية الشعب المصري، والمضي في أحكام الإعدام، والصرامة والطوارئ سيطيل الأزمة.رد فعل جماعة «الإخوان المسلمين» على اغتيال هشام بركات لم يترك مجالاً لحسن الظن، وأسقط ما تبقى من تعاطف مع الجماعة، في مصر وخارجها.- عن صحيفة «الحياة»
Opinion
المتّهمان متشابهان
02 يوليو 2015