يذكرني فريق التسويق لمشروع المصالحة الوطنية حين يصر على أن يقلب صفحة 2011 دون علاجها معالجة جذرية تقضي على أسباب الأزمة من أساسها بشخصية الشاب الناعم التي جسدها بحرفية المرحوم جاسم شريدة في مسرحية البراحة التي أبدع فيها عقيل سوار حين كان يردد ممتعضاً و بميوعة على فكرة التجنيد الإجباري (كله حرب؟ .. كله حرب؟)لا بأس من قلب صفحة 2011 ولا بأس من مشروع المصالحة الوطنية ولا بأس أن يكون لمشروع المصالحة خطة وفريق من المسوقين إنما هذا مشروع وكأي مشروع يحتاج أن يكون واقعياً ويقتنع به فريق التسويق ويهضمه بكل حيثياته أولاً قبل تسويقه، ثم يحتاج الفريق أن يكون على دراية تامة بالهدف (التارغت) الذي سيتوجه لمخاطبته وتسويق المشروع عليه دراية عميقة ودقيقة، معرفة قريبة من (التارغت) الذي يسعى إليه، حتى أن بعض المسوقين يجهز ملفاً خاصاً لكل هدف سيزوره يدرس فيه شخصية الهدف وميوله ونشأته واهتماماته وووو، كي يعرف المدخل الذي يخاطبه به وكيف يلفت انتباهه.المشكلة التي تحول بين نجاح فريق المسوقين لمشروع «المصالحة الوطنية» ليست في المشروع فهو مشروع نبيل الغاية ( وما أكثر المشاريع النبيلة الأخرى التي بحوزته) إنما المشكلة أن الخطة غير واقعية وأن فريق المسوقين ليس بعيداً عن احتياجات السوق فحسب، بل بعيداً جداً عن (التارغت) المراد التوجه له، فريق يجهل الكثير عن احتياجات الأطراف ويجهل الكثير عن لغته وأساس وأصول وعمق وبعد وفهم الأطراف وأسباب أزمته، لدرجة يبدو فيها فريق التسويق وكأنه يشرح لعبة «راتاتوي» أحدث ألعاب ديزني لاند لصبية فريج (بوعقوف) الذين مازالت تسليتهم محصورة في القلينة والماطوع، فريق يبدو كجاسم شريدة وهو يمتعض من 2011 (كله حرب كله حرب؟) لغتان مختلفتان وعالمان مختلفان، وبعد ما كان مشروع المصالحة له طرفان أصبح للمصالحة الوطنية الآن ثلاثة أطراف وكل في وادٍ، بل أن فريق المصالحة الذي لا يسمعه أحد تحول إلى جزء من المشكلة لا جزء من الحل!! .وهذه المشكلة تهون أمام الأكبر منها والأخطر منها وهي أن فريق المسوقين انشغل بالتسويق لنفسه أكثر من التسويق للمشروع وانشغل بمحاربة طواحين الهواء ظناً منه أن إزاحة فلان أوإزاحة علان من الطريق سيفتح الباب على مصراعيه لتسويق المشروع. المشكلة أن فريق المسوقين يظن أن هناك «أشخاص» يحولون بين طرفي المصالحة، وأن إزاحة هؤلاء «الأشخاص» سيمهد الطريق تلقائياً الطريق أمامها، المشكلة أن الفريق يعتقد أن المصالحة هي نظرة فصورة فابتسامة فغرام.من منا لا يريد للبحرين أن تتخطى عام 2011 فلا تعود لها ؟ من منا لا يريد أن تكون وحدتنا الوطنية قلعتنا التي نحتمي بها؟ من منا لا يريد أن نعود سنة وشيعة يظللنا علم البحرين وسورنا دستوره وحصنه الحصين؟ دعوا عنكم الكلام الفارغ الذي يردده فريق التسويق بأن الذين يعترضون على الطريقة إنما يعترضون على الهدف، وأن الأسباب التي تجعل المؤزمين يعترضون هي الكراهية والحقد وأنهم لا يريدون حلاً لأنهم يقتاتون من الأزمة ذلك كلام لا يقوله إلا جاسم شريدة في البراحة، مشروع المصالحة الوطنية ما لم يلامس الواقع ويغوص في أساس الأزمة فإنه لا يزيد عن ترقيع لنسيج ممزق من قماش البافتة العتيق أضيفت له قطعة أورجانزة وردية سرعان ما (ستنسل) هي الأخرى.