في ظل الإرهاصات التي تمر بالمنطقة، وبعد أن شاهدنا النيران تلتهم بعض مساجد المسلمين في الجوار الخليجي، ومع ورود كافة الاحتمالات السيئة لا قدر الله، نؤكد اليوم أكثر من أي وقت مضى على أهمية تلاحم الناس في هذا الوطن الغالي، والتأكيد على ضرورة الإبقاء على اللحمة الوطنية قوية في مواجهة أي تهديد خارجي يطال أمن واستقرار البحرين وبقية دول الخليج العربي.على كل البحرينيين أن ينتبهوا لكل المؤامرات الإرهابية التي تتربص بوطننا الغالي، وأن يتكاتفوا ويتلاحموا صفاً واحداً للوقوف في وجه تلكم التحديات والتهديدات، وأن يؤجلوا خلافاتهم في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الوطن، ليكون شغلهم الشاغل حماية البحرين واستقراره.في هذا الإطار، نؤكد وبالتحديد على أهمية أن يكون الخطاب الديني، سواء في المساجد أو من فوق منابر الجمعة وبقية الحسينيات، خطاباً معتدلاً ووطنياً، وأن يبتعد خطباء المنابر الدينية عن طرح المواضيع والأفكار التي تناقش العقائد والاختلافات المذهبية، وأن يتجنبوا لغة التسقيط والتكفير والشتائم من فوق تلكم المنابر التي أعدت خصيصاً للوحدة وبث روح الأخوة والمحبة بين البشر. فمنابر المسلمين أولى أن تكون منارات للوحدة الإسلامية، سواء كان ذلك في الفتنة أو حتى في زمن الرخاء والاستقرار.هذه فرصة قوية لكل الخطباء الدينيين أن يراجعوا خطاباتهم الدينية، خصوصاً في يوم الجمعة، وأن يؤكدوا من خلالها على نبذ الخلافات، والالتزام بالوحدة الإسلامية والوطنية قبل كل ذلك، وأن تكون خطاباتهم مرتكزة على العبادات والمعاملات الإسلامية التي تتسم بروح المحبة والتعايش مع الآخر، وتجميد كل خطاب من شأنه التفتيش عن أخطاء وزلات هذا المذهب أو ذاك، فالوقت لا يسعفنا أن نناقش خلافاتنا الفكرية والمذهبية في ظل الظروف الصعبة التي تهدد أمننا واستقرارنا.في ظل هذه التداعيات الخطيرة، نوجه عناية خطباء المنابر الدينية كافة أن يوحدوا من خطاباتهم، وأن تتركز جملة خطبهم على مواضيع وطنية وإنسانية مشتركة، حتى وإن تطلب منهم هذا الأمر أن يؤسسوا تجمعاً وطنياً تحت اسم «رابطة خطباء البحرين»، من أجل طرح المواضيع والأفكار التي تتحدث عن التقارب بين أبناء المذاهب الإسلامية، وتجميد كل الخلافات العالقة التي لن يستطيع كل خطباء منابر المسلمين أن يعالجوها في خطبة أو خطبتين، ولهذا فإن خيارهم الوحيد هو أن يتناولوا المشتركات، وما أكثرها بين أبناء المذاهب، وتهميش كل الخلافات.هذه نصيحتنا لكل خطيب يخاف الله، فيضع يده على قلبه خوفاً من أن يصاب هذا الوطن بأي سوء، ومن يصر من الخطباء أن يشحن جمهوره بالكراهية أو بكل ما من شأنه تعكير وحدة الصف، أن يحاسب ويبعد عن منابر هذا الوطن، فالأمن الأهلي والسلم الاجتماعي في ظل هذه الأوقات العصيبة، أهم بكثير من خطيب لا يعي حساسية المرحلة وأهميتها، فالبحرين أمانة في أعناق الخطباء قبل أعناقنا، ومن لا يستجيب لنداء الوحدة الوطنية، فليس مكانه منبر الجمعة ولا حتى منبر مسجد الحي.
Opinion
فكرة «رابطة خطباء البحرين»
03 يوليو 2015