الفكرة السائدة في الغرب أن «أبلسة السنة» وتغيير موازين القوى في الشرق الأوسط ستؤدي إلى حماية المصالح الغربية، وتعظيمها مستقبلاً، وضمان التفوق الغربي دائماً، كل ذلك يتزامن مع تحولات جذرية في ثوابت المصالح، وهي تحولات لم تتم منذ سبعة عقود.طوال العقود الماضية كان التحدي للغرب هو مصالحه الاستراتيجية في الشرق الأوسط التي تتمثل ثوابتها في ضمان أمن إسرائيل من جهة، وضمان أمن النفط باعتباره أساس الاقتصاد الدولي، ولكن هل مازالت فعلاً هذه ثوابت المصالح الاستراتيجية الغربية في المنطقة؟بالطبع كلا؛ فإسرائيل باتت أكثر أمناً من ذي قبل، ولا توجد دولة تجاورها تمثل تحدياً لأمنها القومي نهائياً، فسوريا تعصف بها حرب أهلية دامية، وبها جماعات متطرفة تتصارع بين بعضها بعضاً، وتواجه النظام من جهة أخرى، والدولة السورية تعيش أولى مراحل التقسيم السياسي. أما لبنان فمازالت بدون رئاسة، والدولة في صراع بين الجيش وحزب الله الإرهابي المدعوم إيرانياً، أما العراق فوصل إلى مرحلة متقدمة من الصراع الطائفي وهو في طريقه إلى التقسيم أيضاً، وبالنسبة للأردن فإنه مشغول كثيراً باستقبال عشرات الآلاف من اللاجئين النازحين من دول الجوار، وهو ما يضاعف تحدياته الاقتصادية والاجتماعية. وتبقى مصر، التي باتت مشغولة أكثر من أي وقت مضى بمواجهة مشروع تأسيس دولة داخل الدولة المصرية، كما نشاهد المواجهات المستمرة في سيناء. بالإضافة إلى هذا كله، فإن هناك كياناً جديداً مبتكراً قيد التشكل يحاول أن يشكل دولته المزعومة باقتسام أراض ضخمة من سوريا والعراق وكذلك مصر، ومن المقرر أن ينتقل إلى دول أخرى لاحقاً وهو ما يفعله تنظيم داعش.فهل بات أمن إسرائيل من ثوابت المصالح الاستراتيجية الغربية؟ وهل هناك قلق فعلي؟ بالتأكيد لا يوجد مرحلياً أو حتى على المدى المنظور؛ بل باتت إسرائيل أكثر أمناً، ولذلك نجدها أقل دول الشرق الأوسط اهتماماً بالتحولات الجارية حولها.تنظيم داعش لم ولن يستهدف إسرائيل لأنه مازال منشغلاً بتشكيل دولته، وتنفيذ شعاره «باقية وتتمدد». وليس غريباً أن يكون استهداف التنظيم من قبل التحالف الدولي منذ فترة طويلة وسيظل لسنوات طويلة دون نتيجة فعلية في ظل استراتيجية تستهدف التنظيم بشكل محدود مقارنة بما يحققه التنظيم نفسه من إنجازات ميدانية، وقدراته الفائقة على التجنيد السياسي من كافة أنحاء العالم.وستظل إسرائيل بعيداً عن أي مواجهات مع تنظيم داعش إلا إذا قررت قوات التنظيم الدخول في مواجهة معها، أو استهداف أراضيها، وإلى أن يتحقق ذلك، سيظل الهدوء السمة الأبرز تجاه علاقات إسرائيل ـ داعش.