لحظات حزينة التي ننعي فيها أسد الدبلوماسية العربية الأمير سعود الفيصل رحمه الله، لأننا لا نتحدث عن أقدم وزير خارجية في العالم فحسب، بل نتحدث عن دبلوماسي بارع وحكيم جمع الدهاء والذكاء، وزاوج بين الجدية والحسم، وبرع في القول والفعل فتبوأ مكانة دولية لا يعرفها إلا من يدرك دهاليز السياسة الخارجية في عالم غير مستقر يموج بالتحولات. العرب والمسلمين خسروا كثيراً برحيل أسد الدبلوماسية العربية، فهو في ذروة ظروفه الصحية الصعبة أبى إلا أن يمارس مهامه متجاهلاً المشقة والتعب في سبيل أمته ليعطي درساً بأن هموم الأمة ليست في منصب، بل هي مسؤولية تولاها بجدارة واقتدار على مدى أربعة عقود نال فيها ثقة خمسة ملوك من ملوك المملكة العربية السعودية الشقيقة، وأدى مهامه على أكمل وجه. الأمير الراحل رجل المهام الصعبة، استطاع بمهاراته الفائقة تحقيق التوازن للسياسة الخارجية السعودية في زمن الحرب الباردة، وأدار علاقاتها الخارجية عندما اشتعلت المنطقة بالحرب بين بغداد وطهران، وحقق لها إنجازات دبلوماسية خلال تحرير الكويت، ونال دعم العالم عندما واجهت السعودية الإرهاب والتطرف. وبعد أن اشتعلت الفوضى في الشرق الأوسط باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان كان أول من حذر بخطورة تداعيات تلك الأحداث حتى عمّت الفوضى والصراعات الداخلية في المنطقة، ومع ذلك كانت له أدوار إنسانية لافتة لحماية العرب من تداعيات الأوضاع. بحرينياً، فإن أياً مما يُكتب بحق الأمير سعود الفيصل رحمه الله لن يوفيه حقه وقدره، فأدواره التاريخية ستظل منقوشة في ذاكرة كل بحريني عندما تعرّضت البحرين للمؤامرة، فكانت له مواقفه الثابتة، وله مشاوراته الواسعة، وله نتائجه الفاعلة، كرّس وقته، وركز جهده دفاعاً عن الشقيقة البحرين. الأمير الراحل مكانته لا تنسى لدى جميع البحرينيين، وسيظل اسمه خالداً في ذاكرة البحرين لأدواره التاريخية الهامة في كل المراحل والتحديات التي واجهتها المملكة، سيظل سعود الفيصل بيننا نتذكر أفعاله ونستذكر أقواله ونستلهم حرصه على أمته. نعزي أنفسنا، والبحرين قيادة وحكومة وشعباً، والعائلة المالكة السعودية والأمتين العربية والإسلامية برحيل أسد الدبلوماسية العربية. يوسف البنخليل