نجح تنظيم «داعش» في زرع الخوف بين المسلمين من أداء الصلوات في المساجد خاصة صلاة الجمعة، الأمر الذي دفع دول المنطقة إلى اتخاذ إجراءات أمنية مشددة قرب المساجد لمنع المتسللين من الإرهابيين الراغبين في قتل الأنفس بغير حق، زرعاً للفتنة وتفريقاً لوحدة المسلمين.ومع ذلك فقط نجحت المجتمعات الخليجية في تأكيد الوحدة الوطنية عبر الصلاة المشتركة بين الطائفتين الكريمتين، وآخرها الجمعة الماضية في جامع الفاتح في البحرين، وقبلها في الكويت بحضور أميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وهي من الخطوات المهمة في سبيل تأكيد الترابط والوحدة لمحاربة الإرهاب.وتتعدد منهجيات الحماية في كل دولة وفقاً لمسارات استراتيجياتها الأمنية الساعية إلى مكافحة الإرهاب وقفل الطريق أمام الإرهابيين.وعلى الرغم من الاختلافات بين المنهجين، فإن كل ذلك يحيل الذاكرة إلى الأسلوب المتشدد وغير المقنع الذي اتبعه الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي حينما طبق نظاماً لدخول المساجد عبر «بطاقة ممغنطة» في عام 2006، والذي برره وزير الداخلية حينها الهادي مهني خلال مؤتمر صحافي بأنه «لترشيد ارتياد المساجد ودفعاً للفوضى»، فهنا المراد «ترشيد» حاضري صلاة الجماعة والجمعة، وهناك «منع» الإرهابيين من تفجير المصلين.ولعل «الداعشيين» لو حضروا «بن علي» لباركوا خطوته، فكلاهما يحارب الإسلام وفق أسلوبه ومنهجه في المحاربة، بعلم أو دون علم.الخطوة التي اتخذتها البحرين عبر المتطوعين للمساهمة في حماية دور العبادة تمثل واحدة من أهم وسائل مكافحة الإرهاب، كونها ترتبط بمنهج الشراكة المجتمعية، وصولاً إلى مفهوم «الأمن الشعبي»، عطفاً على ما تقوله وزارة الداخلية في أدبياتها من أن الأمن مسؤولية الجميع.لكن هناك حاجة إلى توسيع مظلة هؤلاء المتطوعين في سبيل إشاعة هذا المفهوم بين كافة أفراد المجتمع حتى يصبح الذين «في نفوسهم شيء من حتى» كمن «في رأسه ريشة»، ظاهرين، أو تتفرق بهم سبل أفكارهم «الضلالية».المطلوب راهناً من الأجهزة الأمنية وضع استراتيجية لتنمية الوعي الأمني الجماعي، وإشاعته بين الناس، فالنظام الشعبي الجمعي قادر على تحمل المسؤولية المشتركة لحماية المجتمع من خطر الإرهاب، وهو أهم المداخل التي تقوي الجماهير في مواجهة الإرهابيين، بدلاً من الاكتفاء فقط بالمتطوعين لحماية دور العبادة، والتي نخاف أن تفتر فيها الهمة مستقبلاً وتتحول إلى عادة تفتح المجال للمتسللين لواذاً كي يفعلوا أفاعيلهم الرعناء.
Opinion
حماية المساجد من الإرهاب
12 يوليو 2015