في نوفمبر 2014 استضافت البحرين اجتماعاً دولياً لمكافحة تمويل الإرهاب بمشاركة أكثر من 30 دولة وعدد بارز من المنظمات الإقليمية والدولية، وكان من أبرز المنظمات المشاركة؛ الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومجموعات العمل المالية المعنية بمكافحة تمويل الإرهاب في الشرق الأوسط. هذا المؤتمر خرج بتوصيات هامة، وكان في حينه مهماً لمناقشة قضية تمويل الإرهاب التي لا يتم الاهتمام بها كثيراً على الصعيد الدولي بقدر الاهتمام بظواهر وقضايا مالية أخرى مثل غسيل الأموال. ورغم توصيات المؤتمر؛ إلا أن الإرهاب مازال يتمدد، والجماعات المتطرفة ما زالت تمارس أنشطتها، وموازنتها في ازدياد. تنظيم داعش الإرهابي بات لديه ميزانية تقدر بنحو 2 مليار دولار سنوياً، وهو رقم مرشح للارتفاع. يتحدث تقرير للسي إن إن عن مصادر تمويل التنظيم وهي ستة؛ الابتزاز (8 ملايين دولار شهرياً من الضرائب)، والمخدرات وعمليات الخطف وغسيل الأموال، وبيع الكهرباء والنفط لحكومة الأسد بعد أن سيطر التنظيم على مناطق شمال سوريا، وأيضاً التبرعات وغنائم الحرب (سطا التنظيم على البنك المركزي والبنوك التجارية في الموصل فكسب أموال تقدر بنحو 430 مليون دولار). أما حزب الله الإرهابي فقد كشف الإعلام الأرجنتيني في مايو الماضي عن تقرير لأحد مصادر الاستخبارات الفرنسية يتضمن حركة أموال حزب الله في أمريكا الجنوبية، حيث قدر التقرير عوائد أنشطة الحزب في باراغواي والأرجنتين والبرازيل بنحو 60 ـ 100 مليون دولار سنوياً، وهي أنشطة غير شرعية تتركز في المخدرات وتجارة السلاح وغسيل الأموال. ويؤكد التقرير أن نحو 10 ملايين دولار يتم تحويلها سنوياً إلى مقر الحزب في بيروت ليواصل نشاطه هناك. بالإضافة إلى ذلك فإن الحزب أنشأ العشرات من المساجد، والمراكز الإسلامية الثقافية، ومؤسسات المجتمع المدني، وعدداً كبيراً من الأنشطة التجارية وجميعها تستخدم لأغراض جمع التبرعات التي يتم فيها تمويل أنشطة الحزب الإرهابي. رغم كل الجهود الدولية، فإن القضاء على تمويل الإرهاب مازال بعيداً، فالجماعات الإرهابية المتطرفة تزداد غنى، وتزداد مواردها المالية أكثر فأكثر، وهو ما يتطلب حلولاً دولية مختلفة تهدف إلى تحويل مراكز المعاملات المالية ووضع رقابتها تحت الحكومات، وتجفيف حقيقي لكافة مراكز تمويل الإرهاب وجماعاته المتطرفة، وملاحقة أنشطتها غير الشرعية حول العالم. هناك أيضاً المال الديني الذي يتم استغلاله لتمويل الإرهاب باسم الدين، وهذا النوع من المال لابد من تقنينه، وتحديد آلياته، ومراقبة أوجه صرفه، بدلاً من وضعه تحت سيطرة تنظيمات وشخصيات ثيوقراطية راديكالية. السكوت عن تمويل الإرهاب وعدم الاهتمام به يعني انتظار تنظيمات إرهابية ستكون لديها قدرات مالية ومادية هائلة قد تفوق كثيراً من الحكومات حول العالم.
Opinion
ما وراء داعش.. لعبة المال الديني
14 يوليو 2015