كثيرون لا يعرفون حجم العمل الذي تقوم به وزارة الداخلية في هذه الفترة التي كثرت فيها التهديدات بتنفيذ أعمال إرهابية، كالتي حصلت في السعودية والكويت أخيراً وتحدث في دول عربية عديدة ليست بعيدة عنا، لتأمين الصلاة في المساجد أو القراءة الحسينية في المآتم ومواكب العزاء وغيرها من الفعاليات التي يتم تنفيذها في الشوارع والساحات. لو كانوا يعلمون به لأدركوا بالفعل أن «الداخلية في خدمة الشعب» ولثمنوا عالياً هذا الجهد الذي يقوم به منتسبو هذه الوزارة من ضباط وشرطة على اختلاف رتبهم. من حضر صلاة الجمعة الفائتة في جامع الفاتح مبكراً وحضر صلاة الجمعة قبلها في عالي لا شك أنه رأى حجم المسؤولية الملقاة على الأجهزة الأمنية، ورأى كيف أن وزارة الداخلية تسخر كل إمكاناتها المادية وكيف أن الضباط والشرطة يبذلون الكثير من الجهد لتوفير الأجواء الآمنة التي تتيح للمصلين أداء واجبهم الديني بكل يسر وسهولة ومن دون خوف من أي تهديد، ولا شك أنه رأى كيف أنهم واصلوا عملهم بهدوء بعد انتهاء المصلين من الصلاة بغية تأمين انصرافهم سالمين ومن دون إرباك الشوارع المحيطة بالجامع وتعطيل مستخدميها.ليس هذا تقصيراً من الجهات المعنية بالإعلام في وزارة الداخلية، لأن المعنيين بهذه الوزارة، وعلى رأسهم معالي الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، وزير الداخلية، يعتبرون ذلك من صميم عملهم وقد لا يدونونه في سجل الإنجازات، عدا أنهم يقومون به بشكل روتيني، لكن هذا ربما كان صحيحا في الأحوال العادية؛ لكنه غير صحيح أو على الأقل لا ينبغي التحسس والحرج في الإعلان عنه في مثل هذه الظروف التي تمر بها البلاد، ذلك أن من المهم أن يتعرف الجمهور على حجم العمل الذي يبذله منتسبو الداخلية بغية توفير الأمن والأمان للجميع، فخطوة كهذه من شأنها أن تسهل بناء الجسور التي تأثرت بسبب الأحداث في السنوات الأربع الأخيرة بين الجمهور -أو بعض منه- والداخلية. ما لا يعرفه جمهور المصلين أو المعزين أو المحتفلين بمناسبة معينة في الأماكن المخصصة لها هو أن العديد من الفرق المتخصصة تأتي قبل أن تفتح الأبواب لدخولهم، بعضها يقوم بمسح المكان والتأكد من عدم وجود ما قد ينتج عنه الأذى للمستفيدين منه، وبعضها الآخر يهتم بالمراقبة أرضاً وجواً وتأمين الشوارع للدخول والخروج وتأمين الطرقات لسيارات الإسعاف في الحالات الطارئة، وغير هذه من مهام لا يشعر بها الجمهور، ولكن ينبغي أن يقدرها لأنها توفر له الأجواء المناسبة والآمنة حتى يعود إلى بيته. عدم معرفة الجمهور بحجم الجهد الذي تبذله الأجهزة الأمنية على اختلافها في مثل هذه الظروف فيه ظلم لمنتسبي وزارة الداخلية وظلم للجمهور نفسه الذي لا يعرف أن هناك من يوفر له الأجواء المناسبة كي يقوم بما يريد أن يقوم به في أمان فيوافيه بالشكر والتقدير. لأننا نمر بمرحلة غير عادية، ولأن الأجهزة الأمنية تقوم في هذه المرحلة بدور غير عادي، ولأن العلاقة بين البعض ووزارة الداخلية صارت بسبب الأحداث التي مرت بالبلاد في السنوات الأخيرة ما عادت عادية، لذا ينبغي تبيان جوانب من الجهود التي يبذلها منتسبو الأجهزة الأمنية لتأمين الأمكنة والأزمنة وحماية المواطنين والمقيمين والزائرين، وهذا يمكن أن يتم بوسائل مختلفة وصور عديدة، ليس أولها تصوير جوانب من تلك الجهود وبثها عبر التفاز، وليس آخرها الحديث عن هذا للصحافة وغيرها من الوسائل الحديثة. ليس مهماً ما قد تتعرض له الداخلية من نقد لهذا السبب سيوجهه لها من لا يريد الخير لهذا الوطن لأنه لن يعجبه كل عملها في كل الأحوال.