من حيث المبدأ فإن إعلان شركة البحرين للمواشي أنها تلقت إشعاراً من وزارة الصناعة والتجارة بسريان قرار الحكومة بتحرير أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء اعتباراً من أول أغسطس القادم، هذا الإعلان يعتبر تراجعاً من الحكومة عن تعهد قطعته على نفسها أكثر من مرة منذ بداية العام الحالي ويقضي بعدم اتخاذها لأي خطوة تتعلق بالدعم إلا بعد التشاور والاتفاق مع مجلس النواب.وكما هو معلوم فإن اللحوم وكذلك الطحين تشكل ثلاثية دعم المواد الغذائية والتي تدخل بدورها في قائمة ما يسمى بالدعم الحكومي المباشر، وأنه أثناء مناقشة ميزانية الدولة فاجأت الحكومة الجميع بقرارها تحرير اللحوم بالنسبة لغير البحرينيين ابتداء من أول أغسطس وتعويض البحرينيين شهرياً بمبلغ 5 دنانير للفرد الذكر و3.5 دينار للأنثى و2.5 للطفل وبدون أن تشرح لمجلس النواب والمواطنين كيف ولماذا حددت مبالغ التعويض هذه وكم ستكلف الميزانية وكم ستوفر عند صرفها من إجمالي دعم المواد الغذائية؟فجميع التعليقات التي صدرت حولها طرحت هذه الأسئلة وزادت عليها بتساؤلات أخرى حول أسباب التفريق بين الرجل والمرأة في كمية اللحم التي تأكلها ومبلغ التعويض، والسؤال الأهم هو لماذا تتعمد الحكومة تحدي مجلس النواب بقرارها المنفرد تحرير اللحوم في الوقت الذي اتفقت مع اللجنة المالية والاقتصادية للمجلس على تشكيل لجنة مشتركة تناقش المبادرات التي يتقدم بها الطرفان حول كيفية تقديم الدعم لمستحقيه من المواطنين، وأن دور الانعقاد الأول لمجلس النواب انفض بعد تأكيد رئيس المجلس أن الحكومة وعدت بعدم التصرف في موضوع الدعم إلا بعد الرجوع إلى مجلس النواب والاتفاق معه.فهل هذا الكلام جاد أم تم ترويجه من أجل تمرير الميزانية العامة للدولة، ومن ثم تتصرف الحكومة في موضوع الدعم بمجالاته المختلفة حسبما تراه وما تقتضيه مصلحتها، وهو ما حدث قبل ذلك بالنسبة للديزل والإسفلت والغاز والتسريبات حول دعم البنزين والكهرباء والماء وغيرها.فالدعم في مجمله غامض وغير حقيقي ومبالغ فيه، وقد أكد ذلك الوزراء أنفسهم، وبالتالي فعلى الحكومة ألا تضيف إلى هذا الغموض والمبالغة وعدم الصحة، والافتقاد إلى الدراسة واستشارة الجهات الاقتصادية المحلية والدولية المختصة، ألا تضيف إلى ذلك كله تحدياً جديداً يتمثل في تجاهل مجلس النواب وتجاهل اتفاقها معه.