خلال اليومين الماضيين تابعت الأخبار التي بثتها إحدى الفضائيات التي تتخذ من بيروت مقراً لها، فلاحظت أنها كررت في كل نشراتها الإخبارية خبر احتجاز إبراهيم شريف، واعتبرته من بين الأخبار الرئيسة، وأنها حرصت على استضافة عنصر من «المعارضة» في كل نشرة، سواء عبر الهاتف أو في الأستديو، ليعيد ويكرر نفس الكلام ويوجه ما يتيسر له من انتقادات للحكومة يعرف جيداً أنها تريح «المعارضة» وتريح تلك الفضائية في آن. والأكيد أن فضائيات أخرى في إيران ولبنان والعراق وبريطانيا وغيرها بالغت في بث وإعادة بث هذا الخبر وأبرزته بطريقتها، ما يثير سؤالاً عن الدور المنوط بهذه الفضائيات فيما يخص الأحداث التي تشهدها البحرين، والعلاقة التي تربط بينها وبين المعنيين بتلك الأحداث إلى الحد الذي استفزها هذا الخبر فاستنفرت كل طاقاتها و»اشتطت».استدعاء أو احتجاز أو اعتقال الأمين العام السابق لجمعية سياسية والتحقيق معه لأي سبب من الأسباب خبر من الطبيعي أن تهتم به وسائل الإعلام على اختلافها، خصوصاً أنه لم يمر على الإفراج عنه بعفو ملكي سوى ثلاثة أسابيع، لكن تناوله بهذا الشكل المبالغ فيه والذي يوحي للمتلقي وكأن القيامة قد قامت أو أنها على وشك أن تقوم مسألة مثيرة وتدفع إلى التساؤل عن سبب المبالغة في بث الخبر ونشره، خصوصاً وأن أمراً كهذا وارد طالما أن المذكور يشتغل في هذا المجال.احتجاز أو اعتقال أو استدعاء سياسي للتحقيق أمر عادي، بل أكثر من عادي، وهو يحدث يومياً في الكثير من البلدان التي تشهد حراكاً سياسياً، لكن أحداً لا يسمع عما يحدث في أي منها سوى البحرين، الأمر الذي يدفع إلى طرح السؤال السابق عن أسباب اهتمام كل هذه الفضائيات بما يجري في البحرين بشكل خاص (الأخبار والتقارير التي توردها تلك الفضائية عن أحداث البحرين أكثر من الأخبار التي تبثها عن لبنان وما يشهده من تطورات ومشكلات وهي كثيرة، وعن استمرار خلو منصب الرئاسة من شخص يشغله، كما أنها لا تتناول أي خبر يمكن أن يسيء «قيد أنملة» لإيران). تعاطف أي جهة أو مؤسسة مع «المعارضة» في البحرين أمر وارد، خصوصاً مع تمكن هذه «المعارضة» من التغلغل في المنظمات الحقوقية العالمية والتأثير عليها إلى درجة أنها صارت تصدق كل ما يأتيها منها من دون التأكد من صحته، فهناك من ساعد على إيصال صوتها إلى كل العالم وفتح لها كل الأبواب، لكن المبالغة في التعاطف واعتبار الهين الذي يحدث هنا عظيماً ويستدعي الاستنفار؛ يدفع إلى التساؤل بقوة عما يحدث وعن سر العلاقة بينها وبين هذه الفضائيات التي لا يمكن لعاقل أن يصدق أنها تقوم بهذا لله وأملاً في أن يضاف إلى ميزان حسناتها، خصوصاً أنها تفتقر إلى الإعلان التجاري الذي تحتاجه لتغطية مصروفاتها الكبيرة. حتى وقت قريب كانت السوسة الإيرانية «فضائية العالم» هي الأكثر اهتماماً ببث ونشر أخبار الأحداث في البحرين، لكن يبدو أن التضييق عليها جعلها توزع الدور المطلوب منها على فضائيات أخرى، وإلا ما سر كل هذا الاهتمام من فضائية لبنانية تبث من لبنان بخبر استدعاء أو احتجاز أو اعتقال سياسي أو الاتصال به من قبل جهة أمنية؟ انتقاد تلك الفضائيات لا يعني أن المواطنين في البحرين فرحون بمثل هذا الذي حدث، والسبب هو أنهم يرون أنه سيزيد من تعقيد المشكلة التي ملوا منها ويريدون حلها، لكنهم أيضاً لا يقبلون من أي سياسي أن يتحدث بطريقة يستفز بها الحكومة من دون أن يحقق أي مكسب للناس ويتسبب في أذاهم. والمؤسف أن جهات كثيرة صارت كما تلك الميادين لا يأتي منها المسك