أثار مقطع الفيديو المتداول «للهوشة النسائية» التي وقعت في إحدى ليالي رمضان في أحد المجمعات التجارية استياء اجتماعياً كبيراً، وكانت صدمة أن تشتبك مجموعة من النسوة البحرينيات بالأيدي والأحذية وبشد الشعر ويستخدمن ألفاظاً بذيئة تجاه بعضهن، وأياً كان السبب الرئيس للهوشة «الشجار العنيف»؛ فإن السبب الجوهري يعزى إلى تدني الذوق العام عند نسبة لا يستهان بها من أفراد المجتمع وحالة من التنمر اللامنطقي صارت تعبر عن سلوكنا دون مبرر وجيه.الأسباب الأولية التي تناقلها الناس عن الهوشة المصورة هي الخلاف الذي نشب بين النسوة على الأسبقية في الجلوس على طاولة طعام للتو فرغت في ليلة مزدحمة في المجمع من ليالي رمضان، وهذا المهم ليالي رمضان، إنه الشهر الذي تصفد فيه الشياطين وتحل السكينة ويتعامل الناس مع بعضهم بسلام مستعينين بعفو الصائم «اللهم إني صائم» تجاه من يخطئ في حقهم أو لا يسعفه التقدير السليم في التعامل مع بعض المواقف، ولكن سحر الأزمنة يبدو أنه لم يعد مؤثراً في بعض الحالات، فلم يحل تعظيم الليالي الكريمة دون وقوع حالة مبتذلة في مكان عام يتجمهر فيه الرجال والأطفال ويلتقط فيه الفطن الصور لينشرها من فورها على شبكات التواصل الاجتماعي لنساء يكملن ردحهن ويترنحن من الضربات المتبادلة دون خجل أو حياء، ولا أعرف كيف تمكنت الفتيات من التدافع والتراشق وخلع الأحذية في وجود كل هؤلاء الغرباء، لقد كان الرجل الذي يحاول الفصل بينهما يبدو أكثر خجلاً منهن!!الهوشة الثانية التي شهدتها، ولم يتم تصويرها والحمد لله، كانت في مصلى مجمع آخر. كان الوقت صلاة المغرب وكان المصلى شديد الازدحام. فاضطر البعض إلى الصلاة في موقع شديد القرب من المخرج. وكان «منطقياً جداً» أن تعبر أمامهن من تريد الخروج من المصلى. وفجأة تقطع إحدى الشابات صلاتها التي عقدتها بالقرب من المخرج وتنفجر صارخة على فتاة أخرى: «كيف تمرين أمامي وأنا أصلي؟ لقد أفسدتي صلاتي حسبي الله فيج ونعم الوكيل!!». فترد الأخرى مصدومة: «المكان زحمة وأريد الخروج!!». فردت عليها بغضب واستهزاء: «كان بإمكانك انتظاري حتى أتم صلاتي أو انتظاري حتى أسجد ومن ثم تعبرين من فوقي!!». ثم تدخلت امرأة كبيرة تصلي على كرسي لتهدئة الموقف وقالت لها: «لا بأس يا ابنتي أنت تصلين عند المخرج فتسامحي مع من يمر». وكانت المفاجأة أن الفتاة ردت عليها بغلظة وقالت لها وما شأنك أنت؟ من طلب منك التدخل؟ ويتطور التلاسن وتتدخل بنات المرأة الكبيرة في لجم طولة لسان الفتاة وتجاوزها على والدتهن، و...، حتى انتهى الموقف بخروج المرأة الكبيرة تغالب دموعها على ما أصابها وهي تدعو على الفتاة: الله لا يوفقك ولا يرضى عنك ولا يتقبل منك صلاة. هذه الهوشة المخزية في المصلى ووقت الصلاة ومن أجل صلاة. وإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر!!قد تكون هذه الحوادث قليلة وعابرة ولكن إذا أضفنا إليها ما حدث في ليلة النصف من شعبان عند أحد المآتم التي كان يحتفل فيه العديد من أهل الحي والأطفال بليلة الناصفة، حيث نشب شجار بين شابين بالقرب من المأتم انتهى بطعن أحدهما الآخر وقتله، سيكون لدينا مؤشر بأن شدة الحوادث والشجارات التي صارت تنشب بين أناس لا يعرفون بعضهم في مجتمعنا قد صارت مقلقة وتستدعي ملاحظة وتوعية.ولا نملك في خواتيم رمضان المباركة إلا أن ندعو الله أن يصلح ذات بيننا وأن يحسن أحوالنا ويلم شتاتنا ويهون بأسنا بين بعضنا. وكل عام وأنتم بخير وسلام.