قبل سنوات قررت التوقف عن لبس النظارة الطبية والاستعاضة عنها بإجراء عملية تصحيح بصر، وقد كان، فنصحني الأطباء أن أرتدي نظارة سوداء، خصوصاً الأيام الأولى التي تلي عملية التصحيح، للتقليل من وصول الإضاءة إلى العين.ولأسبوع كامل ارتديت النظارة السوداء، ليل نهار، وكان كل من رآني أرتدي النظارة الغامقة ليلاً يظن بين أحد أمرين؛ إما أنني كفيف فأحصل على بعض التعاطف، أو أنني مجنون أو معتوه أرتدي نظارة شمسية في الليل فينالني بعض السخرية..تذكرت هذه الحادثة وأنا أرى البعض يحتفل بانتصار إيران بشأن الملف النووي، فمن يظن أن إيران انتصرت في ملفها النووي هو أحد شخصين؛ إما أعمى البصر والبصيرة، ولا يرى أبعد من رأس أنفه؛ وإما مجنون يريد تصديق ما يشاع بنجاح إيران في لي ذراع العالم والحصول على كل ما تريد، وأنها انتصرت وأصبحت دولة نووية وحققت طموحاتها، فيما أنتم «العرب» مازلتم تتقاتلون في ما بينكم، وتختلفون في ما كانت «مصافحة الرجل للمرأة تنقض الوضوء أم لا؟!».لن أدخل في مناقشات مع أحد، إنما سأورد جملة من الأمور لتوضيح بعض الحقيقية، اعتماداً على دراسات وحقائق وتقارير عالمية..-1 بلغ الناتج المحلي الإجمالي لإيران عام 2014 حوالي 412 مليار دولار، ورغم ذلك مازال ما يزيد عن 50% من سكانها يعيش تحت خط الفقر.-2 القوة العسكرية الإيرانية غير حقيقية، وتعتمد في مواجهاتها الخارجية على بعض المرتزقة والطائفيين وما يمكن أن يشترى بالمال، وهي السياسة التي انتهجتها إيران عقب حرب السنوات الـ8 مع العراق.-3 لاتزال الآلة التكنولوجية في إيران، سواء المدنية أو العسكرية، متخلفة جداً، وهو ما أشار له تقرير نشره موقع «المرصد الاستراتيجي»، والذي أشار إلى أن آخر تزويد لإيران بمنظومات تكنولوجية حديثة كان عام 1980.-4 وحسب ذات الموقع، فـ»الجيش الإيراني لا يملك أية مقاتلات حديثة، ويعود تاريخ تجهيزات سلاح الجو إلى سبعينات القرن الماضي، أما على صعيد أعمار المنظومات الجوية فتعود إلى الستينات من القرن الماضي».-5 إيران وطوال عقود من العداء مع الغرب، لم تحقق أية مصلحة استراتيجية لها كدولة أو لمواطنيها، بل على العكس أخرجتهم من ركب الحضارة العالمية وأعادتهم عقوداً من الزمان إلى الوراء.-6 أنفقت إيران مليارات من الدولارات، وهي حق لشعوبها، على دعم منظمات إرهابية في الخارج، ومحاولاتها زعزعة أنظمة حكم، فلا هي نجحت في ذلك ولا أنفقت الأموال لرفاهية شعوبها.وهنا لابد من التنبيه إلى أن إيران لا تعني طهران وبعض المدن التي يسكنها رجال الثورة الخمينية أو المقربون منهم، ففي إيران ملايين الأفراد لم ولن يكونوا يوماً على أجندة الحكومة التي «اهتمت بدعم كل شعوب الأرض» عدا شعبها.أما ما يمكن أن يسجل كنجاح وانتصار لإيران فهو أنها..- نجحت في إذكاء الطائفية في العالم العربي.- نجحت في احتلال المركز الأول على العالم في الحجر على الرأي المعارض ومناهضة الديمقراطية وحقوق الإنسان.- نجحت في شراء بعض العرب، إعلاميين وسياسيين ومثقفين، للترويج لمشروعها الطائفي.- نجحت في خلق تنظيمات إرهابية تتستر وراء الدين لأجل إشعال فتنة بين أبناء الوطن الواحد.- نجحت في استغفال الكثير منها لعقود طويلة بأنها العدو الأول لـ»الشيطان الأكبر»، وشربنا شعار «الموت لأمريكا وإسرائيل» دون أن نراها تطلق رصاصة ضد إسرائيل.- ورق أبيض..هل حققت إيران انتصارها؟!نعم.. ولكن في عقول بعض من لايزال يرتدي النظارة السوداء في الليل.