في خضم الصراعات والتغيرات المهولة التي تشهدها المنطقة، يشتد ضغطنا في اتجاه بلورة وإعادة صياغة منظومة مجلس التعاون الخليجي بشكل مختلف، فبعد تحولات المشهد السياسي الأخير في منطقة الخليج العربي، خصوصاً بعد الاتفاق النووي بين طهران والغرب، لم يعد للمجلس وزن يستطيع من خلالها تغيير وجه المعادلات لو استمر الوضع القائم وفق عطاءاته السابقة، ولهذا فإن ضرورة أن يتشكل المجلس الخليجي من جديد، هي الصيغة المقبولة لمواجهة كل التحديات والأخطار.في ظل الظروف الراهنة لا يمكننا أن نعول على حركة مجلس التعاون الخليجي بصيغته الحالية، فهو أضعف من أن يقوم بمشاريع من شأنها أن تعطي دول الخليج قوة جبارة في مواجهة التحديات الحاصلة، ولذا يجب أن تكون للمجلس صورة أخرى من صور التحدي ومواجهة الأخطار، بدل أن يراهن البعض على فكرة المجلس في صيغته الأولى، متجاهلين كل التحولات التي شهدها الإقليم، خصوصاً بعد مرحلة الربيع العربي.هناك سياسات متباينة ومتنافرة بين دول مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق بأحداث المنطقة، خصوصاً الاتفاق النووي الأخير، فبين مؤيد ومعارض للاتفاق ظهرت على السطح رائحة الخلافات الخليجية غير المرئية، وهذا يرسل لنا إشارات واضحة جداً أن المجلس ليس في أحسن أحواله، ومن هنا تأتي أهمية الحديث عن إعادة صياغة فكرة المجلس بصورة جذرية تناسب حجم الواقع بعيداً عن المجاملات أو التطبيل الغبي من طرف الذين لا يقرؤون منطقتنا كما هي، أو الاعتماد على إعلاميين أو مغردين يمدحون كل شيء دون تفكير، فهؤلاء أصغر من أن يقدموا مشروعاً مغايراً لفكرة مجلس التعاون في صيغته القديمة.رهان التغيير لا يقوم على من يطبل من الإعلاميين المنتفعين بالمدح والثناء، بل يجب أن تواجه دول مجلس التعاون كل التحديات عبر مراكز معتبرة للدراسات الاستراتيجية، من أجل توحيد الرؤى والمواقف حول أخطر وأصعب الملفات الساخنة التي تشهدها المنطقة على الإطلاق، كما يجب على دول مجلس التعاون الخليجي أن تتفق فيما بينها حول ترتيب أولوياتها، سواء في ملفاتها الداخلية أو الخارجية، أما أن تنتظر دولنا الخليجية كل فعل من الأجنبي لتقوم هي بردة فعل لا تناسبه لا في القوة ولا في الاتجاه، فهذه كارثة يجب الانتباه إليها.ليست المرة الأولى التي نطالب فيها دولنا بإعادة تشكيل مجلس التعاون الخليجي من جديد وفق المتغيرات الحاصلة في الإقليم، وبدل أن نشاهد المزيد من التحركات لرص الصف ومواجهة الأخطار، نجد أن هوة الخلافات بدأت تتسع بصورة غير مريحة، مما يحتم القائمين على شؤون مجلس التعاون الخليجي من إعادة النظر في هيكلية المجلس وفق المصالح المشتركة، فما تشهده المنطقة من مخاضات عسيرة أكبر بكثير من قوانين أصابها الصدأ، فهل من مجيب؟
Opinion
مجلس التعاون بين المثاليات والتحديات
23 يوليو 2015