بداية نستذكر ما قاله الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك في حديث لقناة «العربية» يوم السبت 8-4-2006: «بأن ولاء (أغلب) الشيعة في الخليج لإيران وليس لدولهم».يومها استبد بي الحماس، وكثيرون مثلي، فاستنكرنا على الرئيس المصري كلامه آنذاك، رغم أنه قال: «أغلبهم» فلم يعمم اتهامه في المطلق أبداً، ولم نكن نتصور أن الرجل صادق، وأن الأيام كفيلة لتثبت بالدليل تلو الدليل لنا حقيقة كانت غائبة عنا لجيل بعد جيل.في الأيام القليلة المنصرمة، أثيرت في الشقيقة الكويت أزمة حكومية - برلمانية - شعبية، بسبب زيارة ما يسمى بالنائب عبدالحميد دشتي لوالدي الإرهابي في حركة حزب الشيطان، اللبناني عماد مغنية، وتقبيل رأس والده، والإغداق على المقبور بالمدح والثناء أمام الصحافة وقوله: «زرت وبعض الأخوة والدة ووالد الشهيد عماد مغنية والشهيد جهاد مغنية، تعبيراً وامتناناً لشهداء الأمة، ولمن حمل مشعل الجهاد ولمن كان مدرسة للعطاء في هذا الدور المشرف»!أثار فعل هذا الـ «دشتي» استفزاز وغضب الشعب الكويتي، وتذكروا بحسرة تخطيط الإرهابي عماد مغنية لأعمال ضد الكويت وقيادتها في ثمانينات القرن الماضي، ومحاولة اغتيال الأمير جابر الأحمد الصباح، وخطف طائرة الجابرية والتمثيل بجثث القتلى وإلقائها من باب الطائرة على أرض مطار لارنكا، وتسبب فعل هذا الـ «دشتي» بردود فعل على مستوى الخليج العربي، وطالب نواب وناشطون بالتحقيق في علاقته بأعداء الكويت وقتلة أبنائها.لست هنا بصدد رصد ردود الفعل بل أسباب الفعل، وهو ما نرجوه في هذا المقال، فنحن نبحث عن الأسباب التي تدفع (بعض) الشيعة لتوالي إيران أكثر من ولائها لأوطانهم، وكما أن هناك دشتي، فهنا جواد، وكلنا نتذكر وقفة النائب السابق جواد فيروز غلوم -المسحوبة جنسيته- في حضرة رئيس مجلس الشورى الإيراني حين خاطبه معرفاً نفسه وقائلاً: «خادمكم المطيع جواد فيروز».وليت الأمر يقف عند هذا الحد لقلنا تصرفاً فردياً؛ لكن المتسخين برداء إيران كثيرون، فمنذ أيام نشرت صورة للمدعو عباس بوصفوان القابع في لندن تحت إمرة وتصرف وأموال ولي الفقيه، تجمعه برئيس لجنة الأمن القومي والخارجية بمجلس الشورى الإيراني، ومن قبل شاهدنا أمين عام الوفاق المدعو علي سلمان وهو يجتمع بأمين حزب «الله» حسن «زمبيرة» وقيادات إيرانية وعراقية معادية للبحرين، وجميعاً نقرأ كل يوم الصحيفة المحلية وهي تدافع باستماتة وتهاجم كل من ينتقد إيران، رغم أنهم جميعاً يعلمون أن إيران تتآمر وتطمع في وطنهم البحرين، وتسعى إلى زعزعة استقراره وإثارة الفتنة الطائفية!! فإذا كان في الكويت دشتي واحد ينكر فضل وطنه ويوالي إيران على مصلحة الكويت، فهنا في البحرين لدينا المئات أمثال «دشتي» ينكرون فضل البحرين عليهم، ومنذ زمن ونحن نتأمل مشاهد الخيانة المزرية والعبثية لدرجة لا تحتمل، وهنا يفرض السؤال نفسه عنوة ولا أنتظر الإجابة؛ لماذا التشابه هنا وهناك؟لأنها وكما هو معروف، جينات وتربية، والسبب الآخر أن الولاء للمذهب يطغى على حساب الولاء للوطن.
Opinion
انتصار للمذهب على حساب الوطن
23 يوليو 2015