الجيران أنواع؛ فهناك جار صديق، وجار لا يعرف كيف يتعامل مع جاره فيكون جاراً حقيراً أحياناً، ويكون عدواً أحياناً أخرى. وفي النوع الأول تجد الجار يقف معك دائماً ويقدر مواقفك تجاهه، وتحرص على معاملته بالمثل، أما في النوع الثاني، فإن الوضع مختلف فلا يمكن التعامل معه بود أو حتى احترام ليس لأنه لا يستحق ذلك، بل لأنه لا يملك مثل هذه الصفات حتى يبادلك إياها. بالنوع الثاني تتعامل إيران في جيرتها الجغرافية مع دول مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي لم تتمكن منذ نشأة ثيوقراطيتها المتطرفة في ربيع 1979 من التعامل مع دول الخليج العربي، وحتى بقية الدول العربية بمنظور الصداقة والاحترام المتبادل، ولا يمكنها ذلك لأن أيديولوجيتها الراديكالية لا تسمح لها بإقامة علاقات الاحترام والود إقليمياً ودولياً. تجربة البحرين واحدة من عشرات التجارب التي تعرضت لها الدول الخليجية والعربية منذ ثمانينات القرن العشرين، فمنذ إسقاط الشاه وتولي ولاية الفقيه لم تكن العلاقات البحرينية ـ الإيرانية محل ود، بل غالباً ما حرصت المؤسسة الدينية على التدخل في الشأن الداخلي للمنامة، بسبب أطماع خرافية واعتبارات أيديولوجية غبية لا واقع لها. اختصار علاقات إيران مع دول مجلس التعاون والدول العربية يبدأ في تكوين خلايا دينية ـ سياسية، ثم يتطور إلى تغلغل داخل مؤسسات الدولة، ثم الدعم المالي والإعلامي، وتنتهي العملية بالتدريب العسكري لنشر الإرهاب والفوضى، ولو تمت مقارنة سنوات التقارب مع سنوات التباعد فستكون الأخيرة هي الأبرز في سمة العلاقات. المرشد الإيراني خامنئي يتحمل مسؤولية نشر الإرهاب بدءاً من العراق، ولبنان وسوريا، ثم اليمن، وحتى دول الخليج العربي. فالإسلام الذي يتشدق به لم يردعه يوماً في حفظ دماء المسلمين، وحفظ ضروراتهم الخمس أبداً، بل دفعته أيديولوجيته إلى القتل والتشريد والاغتصاب باسم الدين، ولذلك شاهدنا التدخلات الإيرانية المتكررة هنا وهناك ولن تتوقف في ظل نظام ثيوقراطي متطرف غير قادر على التعايش مع جيرانه. إذا كان خامنئي يعتقد أن البحرين ستكون لقمة سائغة في وجه طهران فليتذكر ثلاث محاولات انقلابية فاشلة قامت بها شرذمة إيران في البحرين بدعم من حكومة الولي الفقيه. ولم يدرك المرشد حتى الآن أن البحرينيين بسنتهم وشيعتهم ومختلف مكوناتهم الأخرى ليسوا للبيع، بل هم أكثر تمسكاً، من أي وقت مضى بأرضهم وهويتهم وقيادتهم حفظها الله وأعزها. يوسف البنخليل