لو أصدرت المنظمات الحقوقية العالمية اليوم مليون بيان تضيفها إلى البيانات التي أصدرتها من قبل كي تدعم بها «المعارضة»، ولو أنها أصدرت مليون بيان آخر يدعم تلك البيانات وتعبر بها عن استيائها أو تحفظها أو عن أي شيء يحلو لها فلا تأثير حقيقي له على الأرض ولا ينفع «المعارضة». الذي ينفع هو أن تتوقف هذه المنظمات عن إصدار تلك البيانات وتنساناً لفترة من الزمن لنتمكن من حل مشكلتنا التي لا يمكن أن تحل إلا في الداخل من قبلنا، ومن دون مساعدة «الأصدقاء»، منظمات كانوا أو دولاً.حل المشكلة البحرينية بيد أهلها، واللجوء إلى تلك المنظمات الحقوقية وغير الحقوقية لا يحل أي مشكلة بل يزيدها تعقيداً، والسبب هو أن كل ما تستطيع أن تفعله تلك المنظمات بأنواعها هو إصدار بيان تأييد أو شجب أو إدانة أو استنكار أو أسف وغير هذا من صور الدعم بالكلام فاقد القيمة، وهذا كله لا يفيد. لو كان مفيداً لاستفادت منه «المعارضة» في السنوات الأربع الماضيات التي صرفت فيها تلك المنظمات على البيانات التي أصدرتها ما يمكن أن يحل مشكلة المجاعة في أفريقيا.حل مشكلتنا يحتاج إلى شجاعة من الجمعيات السياسية التي عليها أولاً أن توقف الفوضى التي يمارسها ذلك البعض الذي ينازعها قيادة الشارع ويشعر أنه قد أخذه منها ويعمل بروح أنها تابعة له، وأن تنظر إلى الأمور بواقعية فلا تستسلم للأحلام وتقرأ الساحة المحلية والإقليمية جيداً وتتوقف عن التفكير في الانتقام والإصرار على المحاسبة التي يصعب تحقيقها بسبب وعورة الأحداث التي عصفت بالبلاد.حل مشكلتنا يحتاج أيضاً إلى دخول شخصيات من هذا المجتمع لها وزنها ومكانتها الاجتماعية ومقبولة من مختلف الأطراف وتمتاز بحياديتها وقدرتها على قراءة ما يدور في الساحة المحلية والإقليمية والدولية من تطورات.حل مشكلتنا يحتاج إلى الاستفادة من كل الطاقات والخبرات وإلى هدوء وتوقف عن التراشق بالكلمات وإطارات السيارات والمولوتوفات، وتوقف عن النظر إلى بعضنا بعضاً بطريقة لا تليق بشعب متعلم مثقف له امتداد وجذور في الحضارة.في الآونة الأخيرة كثرت التصريحات الداعية إلى إحياء الحوار من جديد، وهو توجه طيب يحتاج إلى من يبادر به، وليس بالضرورة أن تكون الحكومة هي من يبادر، فكل من تمت الإشارة إليهم هنا يمكن أن يبادروا ويتحركوا ويشعروا الجميع بأنهم عازمون فعلاً على حل المشكلة والخروج من هذا المأزق.الحوار بين «المعارضة» والحكومة مهم وأساسي لكن لا بأس لو بدأ بين الشعب والشعب أولاً، بل لعل هذا هو الأفضل كونه يوصل إلى معرفة ما يريده الشعب من الحكومة، فالشعب ليس الجمعيات السياسية فقط، ومن المهم أن تعرف هذه الجمعيات ما يريده الجميع وليس ما يريده أعضاؤها فقط.التوصل إلى مطالب متفق عليها بين مختلف القوى والأطياف يسهل عملية الحوار مع الحكومة ويعينها على معرفة ما يريده المواطنون منها والأولويات. ليس بالضرورة أن يتم الاتفاق على كل شيء دفعة واحدة ولا بأس من تخفيض سقف المطالب في هذه المرحلة التي صارت فيها الأحداث الإقليمية طرفاً لا يمكن غض الطرف عنه ويكفي أن ما يدور في الإقليم يهدد كل شيء في بلادنا.اليوم وفي ظل المتغيرات التي تشهدها المنطقة والإيقاع السريع للأحداث فيها وما تشكله من خطورة بالغة على وطننا لا يفيد إصرار كل طرف على مطالبه ومواقفه، فالإصرار في مثل هذه الظروف يعرض كل الوطن للخطر، ومريدو السوء لا يستهدفون طائفة دون أخرى ولا جمعية أو حزباً ولكن يستهدفون الوطن، والتوافق على الأساسات خطوة في الاتجاه الصحيح.