الشيخ راشد بن عبدالله وزير الداخلية قليل الكلام ودقيق جداً في اختيار ألفاظه ومصطلحاته يراجع تصريحاته أكثر من مرة، بل أنه لا يقبل بعمل لقاءات تلفزيونية مباشرة لأنه يحسب حساب كل كلمة سيقولها، ويحسب حساب موقعه الحساس وقربه من دائرة صنع القرار السيادي ويدرك أن الحرف الذي ينطقه يمس رأس الهرم الذي يمثله في السلطة، لهذا حين استخدم معاليه مصطلح «الولاءات المزدوجة» لأول مرة منذ توليه هذا المنصب في تصريح رسمي فاعلم أنه قد راجعه ألف مرة قبل أن يستخدمه.وقال معاليه «الأمر يقتضي في البداية تصحيح ركائز البيت الخليجي من تلك الولاءات المزدوجة. وفيما يتعلق بالشأن البحريني فإن الولاء المزدوج مرفوض، ويجب ألا يكون له وجود».لأول مرة يقر مسؤول بحريني بوجود أصحاب «ولاءات مزدوجة» في البحرين ولا يكتفي عند هذا الحد بل يربط وجودهم بأحد مهددات ركائز البيت الخليجي وليس البحريني فقط، واستخدام هذا التصنيف الخطير في خطاب رسمي يلقيه وزير للداخلية للمرة الأولى لا يعني أن الدولة اكتشفت فجأة أن هناك من له ولاءات مزدوجة إنما يعني أن منعطفاً سياسياً ينهي حقبة سياسية حرصت فيها الدولة على مداراة أصحاب الولاءات المزدوجة ومراعاتهم والتغاضي المتعمد عنهم قد انتهت وولت.كالأم التي تدعي النوم كي لا تحرج ابنها وهو يتسلل لغرفتها لسرقتها، كانت الدولة تتعاطى مع أصحاب تلك الولاءات، كانت الدولة تحتفظ لهذه المجموعة دائماً بمركب تبقيه متعمدة لهم إن هم أحرقوا مراكبهم، فسحة لهم تعطيها إن هم قرروا العودة لحضنها في كل مرة يخونونها فهل قررت الدولة أن تحرق هذا المركب الآن؟ أم أنها مازالت تحتفظ لهم بمركب آخر وكان ذلك الخطاب مجرد قرصة أذن؟لا نستطيع أن نجزم إن كانت الدولة ستكتفي بالتنبيه من خلال خطاب وزير الداخلية لأصحاب الولاءات المزدوجة المباشر وستكتفي عند حد الخطاب فقط؟ أم أن قراراً سياسياً خليجياً جماعياً لا بحرينياً فحسب قد اتخذ بالتحرك الإجرائي تجاه هذه المجموعات في كل الدول الخليجية حماية لركائز «البيت الخليجي» خاصة بعد خطاب وزير الخارجية السعودي الحازم تجاه إيران؟ هل سنرى تصاعداً في هذا النهج الجديد مترجماً بخطوات سياسية وقانونية ستتخذها الدولة تضع حداً فاصلاً للعديد من مظاهر الازدواجية في الولاء التي لا تخطئها العين المجردة في البحرين؟ أم ستكتفي البحرين بالبيانات التي تذيبها حرارة وسخونة الممارسات على الأرض؟ أم ستتعاطى بمزيد من الحزم مع مظاهر الولاءات المزدوجة في أي موقع ديني أو سياسي أوإعلامي والعديد منها يرى بالعين المجردة تجاهر به تلك الجهات بعيون وقحة لا تعرف للشرف والشهامة عنواناً لا تعرف كيف تداري عورتها لشدة شغفها وهيامها بكل ما هو إيراني الهوى.فهل كان هذا التصريح فورة أحادية تصريحاً انفعالياً يتيماً ستذروه الرياح كما يتوقعون وكما يأملون؟ أم أن هذا التصريح هو بداية لمرحلة مغايرة تماماً في الدول الخليجية كافة مع أصحاب «الولاءات المزدوجة»؟