مشكلتنا مع إيران هي أنها جارتنا، أي أنها شريكة معنا في الجغرافيا، وهذا يعني أننا لا نستطيع أن ننقل بلادنا إلى مكان آخر بعيداً عنها فنرتاح منها ومن أذاها ولا نستطيع أن نأخذها هي إلى وراء المحيط حيث تكون قريبة من «حبها الجديد» الذي توصلت معه أخيراً إلى الاتفاق النووي والاعتراف بأنه ليس الشيطان الأكبر ولا حتى الأصغر. مشكلتنا مع إيران أيضاً أن مسؤوليها يتحدثون كثيراً وينسون سريعاً ما قالوه إلى درجة أنك لو أتيت إليهم بتسجيلات صوتية ومرئية تظهر ما قالوه لسعوا ببساطة إلى القول إن التسجيلات خطأ ويصرون على موقفهم. يحدث دائماً بين الشباب الصغار أن يقوم أحدهم بالضرب مثلاً على كتف آخر يقف أمامه ثم عندما يلتفت الشخص المضروب إليه يظهر نفسه وكأنه مشغول بالنظر في اتجاه آخر في محاولة منه لإقناعه بأنه ليس هو الذي قام بذلك الفعل. والشيء نفسه يفعله عندما يكرر الفعل نفسه مع الشخص نفسه الذي يكون قد رآه متورطاً بذلك الفعل في لحظة معينة. هذا الشخص رغم أن الجميع رآه وهو يفعل ذلك، ورغم أن المتضرر منه رآه في نهاية الأمر وهو يفعل ذلك بوضوح إلا أنه لا يتردد عن القسم بالله العظيم أنه ليس هو من قام بذلك الفعل. هذا باختصار هو ما تفعله إيران!إيران ترمي «مرادم» من نوع تصريح الخامنئي الأخير، والذي لا يختلف اثنان على أنه تهديد للبحرين وتدخل صريح في شؤونها الداخلية، وإيران تمارس كل فعل لا يختلف اثنان على أنه مسيء وغير لائق وغير جائز وقبيح، وإيران تدعم «المعارضة» بوضوح فتدرب البعض منهم في معسكرات في طهران وبيروت ودمشق وبغداد وصنعاء على حمل السلاح وتنفيذ العمليات الإرهابية وتوفر لهم ما يلزم من أموال وتدربهم على تهريب السلاح إلى البحرين عبر مختلف الطرق، ورغم أن العالم كله يرى ما تفعل ويتوفر على ما تقوم به الكثير من الأدلة والبراهين إلا أنها تستمر في نفي ذلك نفياً قاطعاً وتقسم بأغلظ الأيمان بأنها بريئة من هذه الاتهامات براءة الذئب من دم ابن يعقوب عليهما وعلى نبينا السلام. هكذا هي إيران؛ وهكذا يتبين أنه لا سبيل من التخلص من هذا المرض الذي تعاني منه، فعندما تعتقد إيران أن بإمكانها فعل كل شيء وقول كل شيء وأن أحداً من العالمين لا يمكن أن يراها أو يسمعها وهي تفعل وتقول ذلك، فهذا يعني أنها تعاني من مشكلة مرضية تستوجب البحث فيها من قبل علماء السياسة وعلماء النفس أيضاً. مشكلة إيران أيضاً أنها كما العنز التي ترى ما بالعنز الأخرى التي أمامها ولا ترى ما بها، فتعتقد أنها أفضل منها فتعيب عليها، ومشكلة إيران أنها لاتزال غير قادرة على استيعاب أنها تخطت مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة، وأن جيرانها دول وليسوا محافظات تتبعها، ومشكلتها أنها لاتزال تنظر إلى الآخرين من عل وتعتقد أن القومية الفارسية هي القومية التي اختارها الله سبحانه وتعالى لتسود وتقود العالم.المشكلة الأكبر من كل هذه المشكلات هي أن إيران لا تستطيع أن تتخلص من كل هذه العيوب والأمراض التي تعاني منها، وأنها على عكس المتوقع جاء الاتفاق النووي الذي كان يمكن أن تخرج به إلى العالم بـ»نيو لوك جديد» ليزيدها إصراراً على التورط في منهجها المقيت وإصراراً على الحماقة، يؤكد ذلك أنه رغم أنها لم تتسلم حتى الآن ملياراتها المجمدة أسرعت بفضح نواياها. إيران التي ظلت تهدد من يقاسمها الجغرافيا وهي تعاني من العقوبات الاقتصادية لا يمكن أن تؤتمن والعقوبات مرفوعة عنها وجيبها مليء بالدولارات.