فور انتشار خبر الانفجار الذي أوقع شهيدين وعدداً من الجرحى في صفوف رجال الشرطة المكلفين بتوفير الأمن والأمان للمواطنين؛ أصدرت جمعيتا الوفاق والعمل الوطني الديمقراطي «وعد» بيانين منفصلين أدانتا فيهما وشجبتا هذا الفعل الإرهابي، ورأت أن هذه العملية «تأتي لتعقد المشهد السياسي المعقد أصلاً في البحرين وتزيد من التوترات والاستقطابات التي تعاني منها البلاد». ولكن ما قيمة إدانة الجمعيات السياسية هذه وغيرها عملية التفجير التي استهدفت حافلة الشرطة في سترة الثلاثاء الماضي ونتج عنها ما نتج من وفيات وإصابات؟ ما قيمة هذه الإدانات حتى لو كانت بأشد العبارات وأقساها، وهذه الجمعيات لاتزال تمارس الصمت وهي ترى ما يقوم به ذلك البعض -الذي يعتبر نفسه في ثورة ويظل محسوباً على المعارضة- وهو يختطف الشوارع ويعرض أرواح المواطنين والمقيمين والزائرين للخطر؟ ما قيمة هذه الإدانات وبيانات الشجب والاستنكار إن لم تتبع بعمل يوقف هذه الممارسات الدخيلة على هذا الوطن والبعيدة عن أخلاق هذا الشعب؟ القصة ليست في إصدار البيانات؛ فهذه ممارسة ولا أسهل، وليس هذا هو المطلوب من الجمعيات السياسية، خصوصاً في هذه المرحلة التي تعقدت فيها الأمور وهي مرشحة لمزيد من التعقيد بسبب التطورات القاسية التي تشهدها المنطقة. ليس تقليلاً من شأن هذه الخطوة -فهي في كل الأحوال أفضل من لا شيء- لكنها بالتأكيد ليست مؤثرة لأنها ببساطة لا تؤدي إلى لجم أولئك المحسوبين عليها وينطقون باسمها شاءت أم أبت.أربع سنوات ونيف والجمعيات السياسية ترى ما يقوم به أولئك المخربون ولم تحاول أن تفعل شيئاً لمنعهم من القيام بتلك الممارسات، كل ما فعلته هو أنها اهتمت بالقول بأنهم ليسوا من أعضائها، ومع هذا لم يصدقها أحد بسبب سكوتها وعدم اتخاذها موقفاً واضحاً من تلك المجموعة. الأفضل من بيانات الإدانة التي لم ينس صائغوها وضع خط رجعة لهم بالتأكيد على قول «وفق ما أفادت به وزارة الداخلية»، الأفضل هو التعاون على منع المخربين من ممارسة هذه الأفعال التي تنذر بإدخال البلاد في مرحلة يتضرر منها الجميع من دون استثناء. نعم، ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها استهداف رجال الأمن بغرض القتل، فقد حدث هذا مراراً وأودى إلى قتل وجرح العديد منهم، لكنها المرة الأولى التي تستخدم فيها مواد تفجير من النوع الذي تم ضبطه أخيراً قادماً من إيران بواسطة «بحرينيين» باعوا أنفسهم للشيطان، وبالتأكيد هي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الأمر بعد التهديدات التي جاءت على لسان السيد الخامنئي، مرشد الثورة الإيرانية، والتي يبدو أنها كانت بمثابة الضوء الأخضر للدخول في هذه العمليات التي دعا إليها قبله بأيام عضو بمجلس الشورى الإيراني، ورأى أن الوقت قد حان للدخول في مرحلة «الكفاح المسلح». وبالتأكيد ليست هذه المرة الأولى التي تدين فيها الجمعيات السياسية أعمال العنف لكنها ربما كانت الأسرع والأقوى، ما يعني أن هذه الجمعيات مقتنعة بأن من قام بهذا الفعل هم أولئك الذين استمرؤوا عمليات التخريب وصارت جزءاً من حياتهم. الرسالة المفيدة والمهمة هي تلك التي وجهها رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة بعد الحادث مباشرة، حيث قال «القانون سيأخذ مجراه في معاقبة كل من يدان في تنفيذ هذا العمل الإرهابي، ويد العدالة سوف تطال كل من يريد النيل من أمن واستقرار مملكة البحرين، سواء بتنفيذ أي عمل أو المساعدة عليه أو التعاون معه أو التحريض على تنفيذه»، واختصر بها سياسة الحكومة وموقفها وأكد أن العقاب لن يكون رهين رد الفعل؛ ولكن بالقانون