ارتفع مؤشر تدخلات طهران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة عقب توقيع اتفاقها مع مجموعة الـ«5+1» حول برنامجها النووي، الأمر الذي أكد مخاوف الدول الخليجية قبل توقيع الاتفاق والتي طرحتها على طاولة قمة كامب ديفيد، وحاول الرئيس الأمريكي باراك أوباما طمأنة القادة الخليجيين، ولكن جاءت رياح إيران بما لا تشتهي سفن الخليج العربي، إمعاناً في تعزيز أطماع إيران بالمنطقة.ولعل تصريحات خامنئي غير المبررة ضد البحرين، وإقراره أن إيران لن تتخلى عن التدخل في سوريا والعراق واليمن والبحرين، والقبض على أسلحة ومواد متفجرة كانت مهربة عبر البحر إلى البحرين، واردة من طهران، والكشف عن وجود علاقة بين منفذي تفجير سترة الذي استهدف رجال أمن وأودى بحياة اثنين وإصابة 4 آخرين، كلها تؤكد أن توقيع الاتفاق النووي سيرفع من مؤشر هذه التدخلات بشكل أكبر مما سبق، فالتمويل سيكون متوفراً بشكل أكبر.وكنا نعتقد أن طهران ستتجه إلى تنظيم ترتيباتها الداخلية قبل الإفراج عن أرصدتها المجمدة بسبب العقوبات الدولية والتي سيفرج عنها بموجب اتفاق فيينا، وتصل حسب تقارير إلى أكثر من 120 مليار دولار، وتتحضر لدور أكبر عبر دعم الجماعات الإرهابية ووكلائها في الشرق الأوسط وتقود المنطقة للفوضى وزعزعة الاستقرار، لكنها كذّبت توقعاتنا بأن عززت تصريحات مسؤوليها وأفعالها.ولعلنا نلحظ نقطة مهمة ذكرها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الأسبوع قبل الماضي، إذ قال إن «التصدي لممارسات إيران وتدخلاتها في عدد من دول المنطقة وهي دولة غير نووية، هو أكثر سهولة من فعل ذلك وهي دولة نووية»، ومع أنه استسهل الأمر راهناً، إلا أنه أوحى لدول الخليج بالدفع بعملاء طهران عسكرياً، إذ «شدد على أن ما تملكه دول الخليج من ميزانية عسكرية يتجاوز بمرات ميزانية إيران، وانطلاقاً من هذه النقطة فإن بإمكان دول الخليج أن تدفع ضد أنشطة عملاء إيران بطريقة مؤثرة جداً».أخطأت طهران بتصعيد تصريحات مسؤوليها ضد البحرين في هذا التوقيت، وكان الأجدى بها استثمار الاتفاق النووي نحو تعديل علاقاتها المتوترة مع دول الخليج، من أجل التفرغ لطموحاتها النووية، بدلاً عن التصعيد وتسميم الأجواء، بعدما اعتبرت أنها ربحت بيعها في فيينا.المطلوب من دول المنطقة والدول العربية بالعموم وضع استراتيجية موحدة بخطوات مدروسة، لمحاصرة طهران كي تقلع عن عادة التدخل بشؤون الدول، عبر حصار اقتصادي ومقاطعة دبلوماسية، في ظل هذا الاتفاق النووي، الذي قلنا من قبل هنا إنه لن يسهم في كبح جماح هذا الأخطبوط الساعي للسيطرة على المنطقة تدفعه رؤى طائفية بغيضة، وأنوية قومية متجذرة.