مع خروج وسائل التواصل الاجتماعي بأنواعها وتطورها؛ خرجت حالة لا أعرف ماذا أسميها، لكن هذه الحالة تظهر أن هناك من لديه هوس بأن يصبح نجماً، أو مشهوراً، أو صاحب تأثير، دون أن يقدم إضافة معرفية للناس، ودون أن يخدم وطنه بأعمال مميزة وراقية، ويتخذ من أسلوب التشهير والتهديد سبيلاً، لإخافة بعض المسؤولين، حتى أن بعضهم أخذ يقرب هؤلاء ويستميلهم.لا ضير في أن يصبح أي إنسان مميزاً ومشهوراً، ولكن بعمله وبأفكاره الجميلة، وبتقديمه منفعة للناس وللمجتمع وللوطن. هذا حق لكل إنسان، لكن مع الأسف هناك من أراد أن يصبح مشهوراً بالسباحة عكس التيار، أو بالتعدي على الآخرين، أو ضرب فلان أو علان. كما أن بعض من يتبعون هذا الأسلوب يوهمون الناس أنهم (مدعومون) من شخصيات، وهذا الأمر مجهول، لكن إن كان صحيحاً، فهذه أيضاً مصيبة.مع انفلات أغلب الأمور في البحرين بسبب ضعف تطبيق القوانين، أصبح القانون (سايب.. وحارة كل من ايده الو)، فلا تستطيع (مثلاً) أن تأخذ حقك من الخدامة التي تهرب وتعمل مع مافيات تهريب الخدم ومافيات السفارات، ويصبح المواطن مثل الصراف الآلي يدفع لهذا وإلى هذا، ومع كل ذلك لا يعود حقه إليه (وكل لاعب بحسبة المواطن).معضلة عدم تطبيق القوانين وصلت إلى الاستهزاء والنيل من البسطاء والعاملين الآسيويين، وضربهم وتصوير الحادث أيضاً من باب السخرية، حتى وإن كان هذا الحادث عرضياً، إلا أنه كان مؤلماً ومحبطاً للمجتمع البحريني. شعرنا كمواطنين مع كل التغيرات التي طرأت على المجتمع أن البحرين ليست هي البحرين، وأن من يُناط به تطبيق القانون يريد أن يدخلنا في حالة الفوضى هذه. دخلنا حالة الفوضى، بدءاً من الإرهاب الذي لا نضع له حداً، وانتهاءً بما يجري لنا في الشارع من فوضى تجاوز القوانين، حتى أن الواحد منا وهو خارج من بيته يقول في نفسه: اللهم سلمنا من الآخرين، ولا تجعلني أفقد أعصابي مع قلة الذوق المستشرية.انفلات الأمور كانت بسبب عدم تطبيق القوانين، أو ضعف التطبيق، فالجاني أو الفاعل لا يجد عقاباً، أو رادعاً، وبالتالي هذه إشارة إلى المزيد من التمادي.في التواصل الاجتماعي تفتح حسابات لتشتم الآخرين ثم تغلق، والقانون لا يطالها، أو تفتح حسابات لشتم الناس، أو النيل من أعراضهم. ومن ثم تغلق، وهذه بصراحة فوضى حقيقية تضرب المجتمع، وتنال من الأسر والعوائل، مما قد يسبب رد فعل غير محسوب العواقب.أحد المسؤولين قال لي ذات مرة: «إذا أردت أن تعرف الضبط والربط في بلد ما وأنت للتو تصل إليه، انظر إلى النظام المروري بالبلد، ففيه صورة عن حالة النظام العام، وحالة المجتمع، وتطبيق القانون، والضبط والربط».وهذا الكلام صحيح، رغم أن ضبط المرور إنما هو جزء من الحالة العامة لتطبيق القانون، غير أننا اليوم في البحرين أمام حالة انفلات زمام الأمور، رغم مضي خمس سنوات على الانقلاب الفاشل الذي أصاب القانون والتطبيق في مقتل. بينما المواطن المحترم أو الذي يحترم نفسه، للأسف أصبح هو الحلقة الأضعف، وهو الذي يصبح ملتزماً أخلاقياً وملتزماً قانونياً، بينما يتعدى ويتطاول عليه كل متجاوز للقانون.باتت الأمور دون عقال، أو لجام، حتى كثرت حوادث التعدي على الآخرين، وحتى وصل الأمر إلى الاستهزاء بمن هم أساس البلد، ومن هم وقفوا وقفات وطنية كبيرة ومشرفة منذ العشرينيات من القرن الماضي وحتى اليوم. هذا مؤسف جداً، ويحتاج إلى من يُناط به تطبيق القانون وينفض الغبار عنه، ويأخذ زمام المبادرة، حتى لا نصبح في مستنقع أكبر للتعديات وضرب الأمن الاجتماعي للناس، كل ذلك باسم الحريات المنفلتة، ومن ثم تتطور الأمور للأسوأ فندخل في مرحلة، الفعل ورد الفعل، فتعلم الفوضى، وتسقط المحرمات..!