مثلما يحدث في المدارس؛ يرى المعلم وبعض الطلبة بأم أعينهم طالباً يصفع آخر أصغر منه، ثم عندما يتم استدعاؤه ينكر ويحلف بأغلظ الأيمان بأنه لم يفعل، مثل هذا بالضبط هو ما تفعله إيران؛ تقول وتفعل الكثير ويسمعها ويراها العالم كله، وعندما يتم مواجهتها بالحقائق تنكر وتحلف بأغلظ الأيمان بأنها لم تقل ولم تفعل، وتسعى إلى إقناع من يتهمها بذلك بأنه واهم وأن شيئاً مما يقوله لم يحصل!هذا هو للأسف ديدن إيران، تقول وترمي «مرادم» ثم تنكر وتشكك في آذان المتلقين وفي أبصارهم وعقولهم، وتحاول أن تظهر نفسها بمظهر المظلوم. عندما زارنا ذات مرة الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد، عقد مؤتمراً صحافياً في القصر القديم بالقضيبية، وطلب منه أحد الصحافيين أن يعلق على تصريح بذيء لأحد الملالي كان قد أصدره عن البحرين قبل أيام وعمل ضجة، فرد ببساطة إنه لم يسمع به! هكذا سيقول الرئيس الحالي أيضاً وكل المسؤولين الإيرانيين عن التصريحات التي صدرت أخيراً عن العديد من المسؤولين الإيرانيين، وآخرها عن المرشد الخامنئي نفسه، والتي وصف فيها شعب البحرين بأنه مظلوم وأن إيران تنتصر للشعوب المظلومة، وليس بعيداً أن يقولوا إننا لم نسمعه جيداً أو حتى إن خطأ قد حدث في التسجيل أو الترجمة!اليوم وبعد تكرار التصريحات السالبة للمسؤولين الإيرانيين، والتي بدأ شعب البحرين يقتنع بأنها نهج معتمد لديهم صار لابد من العمل على وضع حد لها ولمحاولات التدخل في شؤون البحرين الداخلية، فالبحرين قادرة على حل كل مشكلاتها بنفسها، وشعب البحرين على درجة من الوعي كافية ليرفض تدخل الآخر أياً كان في شؤونه، وليست تصريحات المسؤولين الإيرانيين الأخيرة والتي دفعت شعب البحرين إلى التوقيع على الوثائق الوطنية المعبرة عن رفضه لها إلا «تأكيداً على استمرار إيران في نهجها وتأكيد ما تضمره للبحرين وقيادتها وشعبها من مشاعر غير ودية تظهر كل فترة وتمثل تدخلاً غير مقبول وتعدياً واضحاً على سيادة واستقلال مملكة البحرين، وتتناقض تماماً مع مبادئ القانون الدولي ومبدأ احترام سيادة الدول كما تتنافى مع مبدأ حسن الجوار التي أكد عليها وأوصى بها ديننا الإسلامي الحنيف».كما جاء في الوثيقة الوطنية الرافضة للتدخلات الإيرانية السافرة والمتكررة في شؤون البحرين الداخلية، والتي تم التوقيع عليها من قبل المواطنين في نادي المحرق، حيث طالب المشاركون في التوقيع والذين دفعتهم غيرتهم وحبهم لوطنهم «بضرورة الكف عن مثل هذه التصريحات التي تعمق الكراهية بين الدول والشعوب وتتنافى مع قيم التسامح والمحبة التي نصت عليها الشريعة الإسلامية السمحاء، وتخلق مناخاً من التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، وتزيد من حدة الصراع الطائفي والمذهبي بين أبناء الوطن الواحد، وهو ما يخدم بالأساس أعداء أمتنا العربية والإسلامية».ما ينبغي أن تعلمه إيران هو أننا في البحرين لا نريد منها سوى أمر واحد هو عدم التدخل في شؤوننا وتركنا نعالج مشكلاتنا بطريقتنا، فنحن على يقين بأنه لولا تدخلها لتمكنا من حل كل مشكلاتنا منذ زمن.لم يعد الوضع يستوعب إنكار إيران لدعمها لـ»المعارضة» في البحرين ولا إنكار محاولاتها التدخل في شؤوننا، ذلك أنه حتى الأعمى ومن به صمم يرى ويسمع ما تقوم به إيران عبر «وكلائها» في الداخل والخارج بغية زعزعة الوضع في البحرين ونشر الفوضى، ولولاها لانتهت جل، إن لم يكن كل، مشكلاتنا ولعدنا جميعاً من جديد لنواصل عملية البناء والإسهام بفاعلية في الحضارة الإنسانية التي لنا فيها بصمات واضحة عبر التاريخ.لم يعد أمام إيران سوى أن تتركنا في حالنا، فلسنا من يقبل بتدخلاتها، وتوصلها إلى الاتفاق النووي مع الغرب لا يعني استسلامنا لها.
Opinion
النهج الإيراني البذيء
05 أغسطس 2015