بين رمي ذكرى عراسي لحمزة الحوثي بحذائها وطرد وفد الحوثة من فندقهم، أقامت وسائل الإعلام الخليجية في 18 يونيو 2015 الدنيا ولم تقعدها؛ فما أثر ما جرى على المشهد العسكري في اليمن؟ لا شيء؛ إلا الفشل في إدارة آلة إعلامية ضخمة لصالح المجهود الحربي لقوات التحالف.فالتفسير الموازي أن الشرعيين لم يجدوا إلا امرأة لتأخذ حقهم من رجل أعزل بدل مساندة صقور الجو الخليجيين، أما عوز الحوثة ففخر لهم مقارنة بما نملك، تلك كانت الصورة الإعلامية الهشة، أما وقد تحررت عدن فلا مناص من تغيير ما يجري، حيث تلوح الآن فرصة للتعامل مع الحرب من منظور آخر.«فن اختيار العدو» هو القصور الذي نعانيه، ففي فقه الحروب إذا تعذر اختيار العدو وجب إعادة تشكيل الخصم الذي أمامنا، فالمفترض ألا نشن حرباً دعائية لتحرير بقية اليمن، بل حرباً نفسية (Psychological operations (PSYOP ضد الحوثة / صالح لإحداث الأثر النفسي المراد عبر تعظيم قدراتهم العسكرية، وإظهارهم بمظهر صاحب السلوك العدواني، وكشف حقيقة توجهاتهم الإقليمية، وإيصال قيادة عملياتهم لدرجة مرتفعة من جنون العظمة كوحدات لا تقهر احتلت اليمن في شهرين. حينها نكون قد شكلنا ملامح العدو وأوصلناه للاعتقاد الراسخ بقدرته المبالغ فيها لنورده للهلاك بمغامرات قاتلة. حينها سيتقبل المحيط الإقليمي والدولي مشروعية القضاء على قدرات الحوثة غير المحسوبة في توازنات القوى بالمنطقة، وحينها ستتحرر صنعاء المثخنة بالجراح.فإبان حرب تحرير الكويت 1991 وقبل ساعتين من المغيب كانت تتسلل 6 آليات همفي «Humvee» تحمل إحداها مكبرات صوت سوداء بحجم آلية الهمر «Hummer» نفسها تقترب من مزارع الوفرة الكويتية المحتلة، ولمدة ساعة يقوم فريق الحرب النفسية للتحالف بمخاطبة الجنود العراقيين برسائل صوتية كان افتتاحها بكلمات «أخي الجندي العراقي البطل»، وتتنوع بين الدعوة للاستسلام، وعدم شرعية الاحتلال، والتهديد بضربات موجعة بعد 24 ساعة. وقد رافق السماعات السوداء نشر ملايين أوراق المنشورات «Leaflets» بالمضامين نفسها، وكانت تؤدي لاستسلام 40-60 جندياً عراقياً في كل ليلة جراء وصولهم لقناعة عدم شرعية ما يقاتلون من أجله.- بالعجمي الفصيح..كانت السماعات والمنشورات شكلاً مبكراً للحرب النفسية، ففي 1996 ولدت عقيدة الصدمة والترويع Shock and awe كمولود لدروس الحرب النفسية بعاصفة الصحراء، وكان أن استسلمت شوارع بغداد المنهزمة نفسياً بالإغراق الناري في 2003، لكن المفارقة أن ذلك لم يجدي مع «داعش» بعد عقد كامل، لأن لكل ميدان معركة حربه النفسية الخاصة.وفي تقديرنا إن الحرب النفسية في «عملية عاصفة الحزم» يجب أن يتم ترقيتها في تحرير صنعاء التي تحتاج لحرب نفسية مصممة لها خصيصاً بإتقان لكسب قلوب وعقول بعض اليمنيين؛ وترويع البعض الآخر للتأثير في سلوكهم وتقويضه من الداخل لتعيد تشكيله.
Opinion
تحرير صنعاء بحرب نفسية لا حرب إعلامية
05 أغسطس 2015