كان أحد معالم السياسة التنموية للرئيس عبدالفتاح السيسي هو البدء بمشروعات عملاقة ذات أبعاد وطنية وتأثيرات على المستوى العالمي بتغيير الخارطة الاقتصادية لمصر وتوجهاتها للتنمية، ومن هنا كان اختيار قناة السويس الجديدة كأول مشروع في هذا الصدد، والثاني هو إقامة منطقة تنموية علي ضفاف القناة، والثالث هو إطلاق سلسلة من الموانئ على البحرين الأحمر والمتوسط وخليج السويس. وهذا يعد تغييراً جوهرياً في فكر وفلسفة التنمية الاقتصادية عن الفترات السابقة من حيث إنه في عهد الرئيس الأسبق مبارك كانت تقوم على بيع العقارات والنشاط العقاري الاقتصادي، أما في عهد محمد مرسي فقام على إعطاء أولوية لمسألة الزبالة والمرور ونحو ذلك، ومع هذا أعلن بعد مائة يوم أنه حقق 70% من الهدف، إلا أن الشعب لم يلمس أية تغير حقيقي، وهذا ما أدى للثورة ضد نظامه وتوجهاته واهتمامه بالعشيرة أكثر من اهتمامه بالشعب والدولة والبعد الوطني لمصر وعمقها التاريخي والجغرافي في المنطقتين العربية والأفريقية.المهم إن قناة السويس الجديدة تحققت في خلال عام واحد بمساندة جيشها البطل من أجل شعب مصر العظيم وتنميتها كمنطقة اقتصادية تنموية على مستوى عالمي والشركات الأجنبية بدأت في رسم الخطط لكي تنقل بعض مكاتبها إليها. وهذا منطلق التنمية الجيدة في عصر النهضة الحالي؛ يد تحارب الإرهاب في سيناء وفي الداخل، ويد تبني وتعمر، مما سيعود لمصر روحها وحيويتها ودورها العربي والأفريقي والعالمي.فبارك الله في شعب مصر المعطاء وجيشها البطل وقائدها صاحب التواضع وفلسفة الاعتذار لأية أخطاء، حتى وإن لم يكن هو يقوم بها. إن هذا نمط جديد في القيادات المصرية والعربية، ولعل ذلك كله فاتحة خير وبركة من أجل غد أفضل لشعب مصر العظيم وقواتها المسلحة الباسلة.اليوم تفتتح القناة بحضور عربي ودولي، فضلاً عن أبناء مصر من ممثلي الفئات المختلفة والسياسيين، وفي مقدمة العرب الحضور جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وهو من المحبين لمصر وشعبها ومصر بدورها تبادله حباً بحب، فبارك الله في مثل هذه القيادات العربية المخلصة لأوطانها ولعروبتها، وسيكون الاحتفال متميزاً بما ينقل رسالة للعالم بعودة الروح الحقيقية لمصر، وهذا يذكرنا بالرواية المشهورة للكاتب الكبير الراحل توفيق الحكيم «عودة الروح» لأهمية مصر ولدورها ولسياستها الخارجية والتنموية. من هذا المنطلق وجهت مصر الدعوة لعدد من قادة الدول العربية والأجنبية، ومشاركة جلالة ملك البحرين تعني الكثير لمصر وشعبها وقيادتها، فهو صاحب مبادرة الإصلاح في البحرين وتحولها إلى الديمقراطية، كما إن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء هو صاحب الهمة التنموية والإنجازات البارزة، وكذلك صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة صاحب تقرير وخطة التنمية الاقتصادية المعروفة باسم 2030، وهكذا قيادات البحرين وحرصهم على الديمقراطية والتنمية والتخطيط في آن واحد.وتعكس مشاركة الملك حمد في احتفال افتتاح قناة السويس الجدية علاقة خاصة تعبر عن الثقة والتفاهم بين القياديتين البحرينية والمصرية، والتي اختبرت عبر التاريخ الحديث منذ مساندة مصر للبحرين لكي تحقق استقلالها ومساندتها ضد التهديدات بعض دول الجوار بادعاءات تاريخية لا أساس لها من التاريخ أو الوقائع الثابتة، وكذلك تعبر الزيارة عن محبة الشعب البحريني من مختلف طوائفه للشعب المصري، ويقدر البحرينيون بوجه خاص حرص مصر على مساندتهم في وجه الأعداء الطامعين في بلادهم.كما وجهت مصر دعوات لأكثر من 1700 صحافي من خارج مصر ليرون بأعينهم طبيعة وحجم الإنجاز، ولكي يفندون الدعاوي المضادة التي تقلل من أهمية القناة ويروجها بعض أشخاص متحيزين، وربما لا يعرفون أو لا يرغبون أن يعرفوا لتبرير فشلهم، ولحسن الحظ أن شعب مصر والرئيس السيسي حريصون على الإنجاز وتجاهل مروجي الإشاعات والأكاذيب، وهذا ما جعل السياسة الأمريكية والأوروبية وغيرها تتغير تجاه مصر في الشهور الأخيرة.أما فوائد القناة الجديدة لمصر وللأمن القومي والاقتصاد العالمي فإنه يمكن القول إن أبرز النتائج هي ربط سيناء بالدلتا، وخلق مليون فرصة عمل، وتعمل القناة الأصلية والجديدة بتناغم يعزز ويؤدي لزيادة الإنتاج العالمي والتجارة الدولية، وخاصة نتيجة إنشاء منطقة التنمية بالتكامل بما يعكس الفكر الاقتصادي الجديد وليس النظرة القديمة للقناة باعتبارها ممراً مائياً فقط، وإنما منطقة تنمية وجذب للاستثمار الوطني والعربي والأجنبي، كما ستؤدي عوائد التنمية ورسوم القناة إلى مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي ومضاعفة السياحة خلال السنوات الخمس القادمة. أما دور القناة في تعزيز الأمن القومي الشامل فهو تماماً على النقيض مما تروجه أجهزة إعلامية مغرضة أو بعض الإعلاميين والصحافيين لحاجة في نفس يعقوب، فإن القناة لها البعد الاقتصادي في فتح المجال للمؤسسات الاقتصادية الكبرى، كما تجلى في ردود الفعل للاقتصاديين الذين شاركوا في مؤتمر دافوس الاقتصادي ومؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، ومن الجدير بالذكر أنه يعبر القناة حالياً 80% من حجم التجارة العالمية والإنتاج العالمي نتيجة المشروع الجديد الذي سيضاعف حركة المرور ومن ثم تزداد حركة التجارة العالمية والإنتاج العالمي لتوفير وقت المرور وتكاليف النقل لقصر الوقت. وهذا سيؤدي لمزيد من الاستثمارات في منطقة القناة، خاصة من الصناعات والشركات الكبرى مما سوف يسهم في خفض نسبة البطالة في مصر.أما من الناحية الأمنية فتزداد أهمية الممرات الدولية بزيادة حركة التجارة العابرة لها، وهذا سيعزز من دور الاتفاقات الدولية لحمايته مما يترتب عليه تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ومن الناحية الاجتماعية؛ فإن توفير فرص العمل مما يؤدي لزيادة الدخل ومستوى المعيشة. أما عسكرياً فسيعزز إمكانات وقدرات الجيش المصري على الحركة والانتشار للدفاع عن مصر وعن سيناء بوجه خاص. ومن جانب الأمن الغذائي فسينتج من المشروعات المصاحبة ومنها مشروعات الاستزراع السمكي، ومناطق لوجستية للغلال، تطوير البيئة وتحسينها، منطقة وادي التكنولوجيا والمدن الجديدة مثل الإسماعيلية الجديدة، العريش الجديدة. وتتعاظم الأهمية الاستراتيجية لمصر للاعتبارات السابقة ذكرها. نقول إن هذا الإنجاز يبعث برسالة واضحة للشعب المصري بجدية القيادة والنظام السياسي في إحداث تغيير في الأداء والإنتاج ومتابعة الإنجاز، وللعالم العربي بأن مصر حريصة على العودة إلى مكانتها الطبيعية، وإن هذا بفضل التعاون والمساندة الخليجية وجهود الشعب المصري، والعالم الخارجي بأن الشعب المصري يتميز بحسن الأداء وسرعة الإنجاز وأنه يهدي القناة الجديدة للتجارة العالمية والاقتصاد العالمي وللإرهاب، للجماعات الإرهابية الأجنبية بأن يعودوا لأوطانهم ولا مكان لهم على أرض مصر الطاهرة وللإرهابيين والمحرضين على العنف من المصريين بأنه لا جدوى من الإرهاب والعنف وأنه من الأفضل الالتزام بالقانون والدستور، وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم؛ وإلا فليموتوا بغيظهم.