حزب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وتحديداً بعض العناصر فيه لها أجندة خاصة بالنسبة للشرق الأوسط وتحديداً دول الخليج، ومن ضمن أساسيات هذه الأجندة مد جسور معينة مع إيران، بطريقة جعلت الإسرائيليين أنفسهم يشتعلون غضباً.أوباما منذ تولى إدارة الولايات المتحدة الأمريكية وهو يعمل بأسلوب وطريقة تغاير أساليب الكثير من الرؤساء الأمريكيين، بل وخلقت امتعاضاً لدى الشارع الأمريكي بشأن ما إذا كانت الإدارة الأمريكية في البيت الأبيض تهتم بالداخل الأمريكي بقدر ما تهتم بالخارج.هل سينجح الكونغرس في إيقاف قرار التعاون الأمريكي الإيراني؟! هذا سؤال حساس ومهم يطرح نفسه حالياً. ورغم أن أوباما لوح بصراحة أنه سيستخدم «الفيتو الرئاسي» ليقفز على أبرز ممارسة ديمقراطية أمريكية، إلا أن الدستور الأمريكي ولوائح الكونغرس لديها أداة تخولها حتى وقف قرارات الرئيس باعتباره شخصاً منتخباً إذا قرر التعنت والمضي في قرار لا يجمع عليه الأغلبية.بعض العناصر في الإدارة الأمريكية لا تعمل بنفس نظرة أوباما، خاصة مع قرب انتهاء الولاية الثانية له، وهي الولايات التي توجت إنجازاتها بحقوق المثليين والتقارب الإيراني. ولعل الجمهوريين لو نجحوا في الحصول على السلطة في الانتخابات القادمة ينجحون قليلاً في تصحيح المسار الأمريكي وتحسين العلاقات مع أقطاب القوى العالمية وبالأخص الدول العربية والخليج، لكن هذا حديث له جوانب أخرى، وله مقام آخر بالضرورة.ما حصل في الدوحة مؤخراً، وتحديداً الاجتماع الخليجي الأمريكي، شهدت كواليسه غير المعلنة موقفاً خليجياً قوياً تجاه بعض البنود الملغومة التي أرادت المكاتب الخارجية في وزارة الخارجية الأمريكية تمريرها بإيعاز وتوجيه من أوباما، لدرجة أن بعضها جاء وكأنه مفاجأة لجون كيري نفسه.السعودية برزت بموقف قوي رافض للقبول بأية اتفاقات طالما لا تعدل أمريكا صياغتها ومضمونها بحيث توافق عليها دول الخليج، وبناء على هذا الموقف توحدت أصوات الخليج ومواقفهم على طاولة المفاوضات، البحرين، الإمارات، قطر، الكويت وعمان، والإيجابي أن وزير الخارجية الأمريكي كان متجاوباً ومتفهماً لكل مطالب دول الخليج وتم التعديل بناء على طلب الصوت الخليجي الموحد، خاصة في ما يتعلق بإيران وإدانة تدخلاتها السافرة في شؤون البحرين، إضافة للموقف الخليجي الموحدة تجاه اليمن وما يفعله الحوثيون بدعم وتوجيه إيراني صريح.نعم، أمريكا ستكون لها أجندتها الدائمة، وعلاقتنا بها ليست علاقة صداقة بقدر ما هي علاقة مصلحة، وهي دول عظمى وقوية دون أدنى شك، استخباراتها المنتشرة في خارجها أكثر من داخلها، لكن رغم ذلك كله، ما يفشل كل هذه المخططات وهذه النوايا يكمن في «وحدة» الكلمة والصف، وطالما استوعبت دول الخليج هذه المعادلة فإنه من الصعوبة أن يفكر الأمريكان بالقفز على مصالحهم مع دول الخليج.السعودية عمقنا الخليجي العربي الاستراتيجي، مواقفها القوية محفز ودافع لدول الخليج في التضافر ضد من لديه أطماع بنا، بالأخص من يستغل الدبلوماسية الحديثة والطرق الملتوية ليحقق أغراضه وأطماعه.الأمريكان ينجحون في أي موقع طالما يضمنون أولاً حالة الشتات التي يزرعونها بين أهله ومكوناته، وفي حالة دول الخليج فإن أكثر كلمة يمكن أن تؤرقهم هي كلمة «الاتحاد»، وهنا نترحم على روح الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعلى فكرته التي مجرد ذكرها جعل قوى عظمى تعيد حساباتها.ورغم أن الاتحاد لم يتحقق بصورته المطلوبة، لكن وحدة دول الخليج على كلمة واحدة وموقف موحد في بعض المناسبات والمواقف خلقت فارقاً كبيراً، وجعلت من راهن على الشتات يتراجع.حلمنا بأن نرى هذا الاتحاد يتحقق، وأن تكون دول الخليج بمثابة جسد واحد له قلب واحد وروح واحدة، حينها لن تضعفه لا محاولات إيرانية ولا أمريكية ولا غيرها.