العراقيون الشيعة الذي يعيشون تحت حكم حزب الدعوة منذ 13 عاماً هم من خرج في المظاهرات يوم الجمعة الماضية وحملوا تهديداً للعبادي، إما أن تصلح الفساد أو تكون الجمعة القادمة هي جمعة «ارحل» المشكلة أن هذه الشعارات المناهضة للعبادي نقلت صوتاً وصورة ونقلت حية ومباشرة وحفلت وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيونات بصور اللافتات والبنرات التي تهدد العبادي، ولم يتحرك العبادي بحزمة الإجراءات الأخيرة إلا بناء على معلومات بأن الوضع قابل للانفجار، أي أن الحزب الذي مرجعيته مرجعية دينية ويستظل بظلها ويحتمي بقدسيتها ومعصوميتها أوصل العراقيين الشيعة الذين يدينون بالولاء المطلق لهذه المرجعية إلى حافة الثورة، فأين المشكلة؟ المشكلة أنه لا أحد ينقل لمريدي هذا الحزب وللحالمين بقدسيته وبأفضليته هذه الحقيقة، فالصور نقلت للتظاهرات التي تأيد إجراءات العبادي ولم تنقل له ما حصل بالتفصيل ما قبلها.صحيح أن سوء الأوضاع المعيشية لا يتناسب أبداً مع ما يمتلكه العراق من موارد لكن الأصح أن فساداً كالذي ترعرع خلال الثلاثة عشر عاماً لا يمكن أن يستظل بمظلة شرعية دينية قيض لها الحكم منفرداً بلا منازع كحكم حزب الدعوة بمرجعيتيه السيستانية أو الخامنئية، فكيف يجتمع الضدان؟ فساد ودين؟ وهل تصل هذه الحقائق لمريدي فرعه البحريني؟ فترة حكم حزب الدعوة هي مثال وبروفة ونموذج يؤكد أن وجود مرجعيات دينية على رأس أي حزب سياسي «سني أو شيعي» لا يحميها من الفساد ولا يقود بالضرورة للتنمية ولا يغني الناس ويحل مشاكلهم.وجود مرجعيات دينية على رأس أي حزب سياسي إساءة للمرجعيات وإساءة للهوية الدينية، فلم يستظل الفساد وينمو ويترعرع إلا لأنه كان يستظل بظل العلماء، ومسؤولية الجهل بالوقائع والحقائق يتحملها متعصبو الأحزاب الدينية وقسم «الماركتينغ» أي قسم التسويق والدعاية الحزبية في إبقاء الغمامة على أعين مريديه وأتباعه حين يخفون الحقائق ويغيرون الوقائع ويتلاعبون في المصطلحات ليبقوا الجماهير المبهورين بهذا الحزب ونهجه ومرجعياته نائمين في عسل الوهم، ومسؤوليتهم تفوق مسؤولية الحرامية والناهبين والمفسدين. هذا القسم لم ينقل للمعجبين بحزب الدعوة العراقي قصص الفساد وقصص السرقات وقصص النهب وقصص الخراب والدمار والبلايين التي خرجت من العراق والاستيلاءات على ثروات العراق، لم ينقل لهم حجم التذمر والثورة على الحزب يوم الجمعة الماضية، بل نقل لهم مظاهرات «تأييد» إجراءات العبادي الإصلاحية ما سماها، أي نصف الصورة حتى لا تكشف الفضيحة والكذب ويبقى النائم نائماً في العسل. حزب الدعوة لم يفشل في حماية سيادة العراق فحسب فسلم نصفه لإيران و نصفه الآخر لداعش، بل ارتهن لإيران بشكل مخز، وفشل في تحقيق حلم العراقيين بما فيهم الشيعة برفع الظلم والاضطهاد، رغم أن إيران التي يتغنى بها مريدو هذا الحزب تسيطر وتهيمن على القرار العراقي. ليست المشكلة عند البعض أن يسيطر ويهيمن على السيادة عراقي أو عربي المهم أن يحقق لهم هذا الذي يهيمن على القرار السعادة، ولتكن إيران التي ربما ستجعل المواطن العراقي يعيش في رغد ورفاهية وتنمية وتقدم ويصبح كل عراقي مليونيراً، لم لا إن استطاعت؟ لم هذه العنصرية القومية؟ ليكن العراق تحت حكم الإيرانيين إن كان الإيرانيون سيسعدون العراقيين أو على الأقل شيعته الموالين. لكن الأرقام التي تحصر خسائر جمهورية العراق على مدى الثلاثة عشر عاماً أرواحاً وأموالاً تشير إلى أن السهم يتجه سلباً في مؤشرات التنمية وعكس ما كان عليه العراق قبل 13 عاماً، المؤشرات في انحدار والخسائر في الأرواح والأموال فاقت ما تكبده العراق في السنوات الـ13 السابقة لحكمهم، وتدهور الأوضاع المعيشية والتنمية يحكيها شيعة العراق الذي هددوا العبادي المظلل بظل المرجعية بأن يرحل.جميع هذه الحقائق لا تنقل عبر صحافة الحزب البحرينية.. ما علينا «خلينا في العراق».. لم سوء الظن؟ بالتأكيد حملة التضليل لم تمر من هنا.