يقول لكم نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية اليوناني والرئيس الدوري للاتحاد الأوروبي، أوانجلوس ونيزلوس: «إن اليونان ستكون دوماً بوابة إيران نحو أوروبا»، وأضاف «إن البلدين مستعدان لتطوير تعاونهما الاقتصادي في مجالات الشحن والنقل والتجارة والأدوية والزراعة»، وذلك أثناء زيارته لإيران ولقائه حسن روحاني في أغسطس 2015، حيث أكد روحاني في هذا اللقاء رغبته في ترميم العلاقات التاريخية بينهما، وقال «ينبغي ترميم العلاقات التقليدية والتاريخية بين إيران ودول الاتحاد الأوروبي»، إنها العلاقة الصليبية الصفوية القديمة تعاد من جديد، وبالأمس طالبت 70 شخصية سياسية واقتصادية وعسكرية أوروبية في الاتحاد إلغاء الحظر الأوروبي ضد إيران وإقامة علاقات سياسية واقتصادية معها، كما التقى لاريجاني رئيس الشورى الإيراني قبلها وفد الاتحاد الأوروبي، وعلى حد زعم رئيس الوفد بأن هذه الزيارة دليل على الالتزام ببناء الثقة مع إيران.هذا ما عبر عنه الوفد في لقائه مع لاريجاني، حيث توازت الزيارة مع تنفيذ إعدام جماعي لـ35 معارضاً إيرانياً، حيث تحدث عنها جواد لاريجاني رئيس هيئة حقوق الإنسان في نظام طهران للوفد الأوروبي بأنها مجرد إعدامات لمهربي مخدرات، وقال «الأوروبيون هم يعرفون أكثر من الآخرين بأن السبب الرئيس في ارتفاع عدد الإعدامات في إيران هو مكافحتنا المتواصلة ضد مهربي المخدرات الذين مقصدهم الرئيس هو عواصم دول الاتحاد الأوروبي»، وبالتأكيد الوفد الأوروبي ليس غبياً ليصدق، بل يتغابى، فمصالح دوله الاقتصادية مع إيران تلزمه بالصمت عن جرائمها، كما تلزمه بإصدار البيانات التي تمليها عليه طهران.إنهم الإيرانيون الذي استطاعوا أن يروضوا أمريكا ودول الغرب، إنهم أولئك الذين لم يلتفتوا يوماً إلى إدانة أو استنكار أو يسمحوا لأي دولة في العالم أن تتدخل في شؤونهم، وها هو مراسل «فارس» الموفد في فيينا، يقول «كان اجتماعاً جمع وزير الخارجية الإيراني ظريف بنظرائه من 5+1 ومسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي ديدريكا موغريني، وأثناء الاجتماع سخنت الأجواء ما جعل موغريني تقول بعد استماعها إلى تصريحات المفاوضين الإيرانيين، إنه إذا استمرت الأمور على هذا الحال سنعلق المفاوضات ونعود إلى منازلنا، ورد عليها ظريف بالقول لا توجهوا التهديد لأي إيراني، وأعقبه نظيره الروسي لافروف وكذلك الروس». إذاً فانتقاد الاتحاد الأوروبي للبحرين على تعليق صحيفة محلية ليس غريباً ولا جديداً، وهذا التدخل السافر في شؤون البحرين الداخلية من قبل الاتحاد يجب أن يكون مقابله رد من مجلس التعاون الخليجي يوازي هذا التدخل، وذلك لأن البحرين عضو في مجلس التعاون، وليست مدينة يونانية أو هنغارية تتبع الاتحاد الأوروبي، كي يتدخل في شؤونها الإعلامية أو قرارتها. فالبحرين دولة ذات سيادة لا ترتبط معه بصلة تاريخية أو جغرافية أو ثقافية أو دينية حتى يتجرأ عليها بهذا الشكل الذي يمس سيادة الدولة ومكانتها في عيون شعبها، عندما تصبح الدولة مقيدة ومرتبطة برد فعل اتحاد أوروبي أو منظمة حقوقية أجنبية، إذ إن الدولة التي تأخذ بهذه الحسابات تهيئ نفسها لمزيد من التدخلات، عندما تكون ردود أفعالها مجرد استنكار دون اتخاذ أي قرار. إن إيقاف أي صحفية أو تعليقها لبضعة أيام هو قرار حكومي صائب عندما يكون منها ضرر على الدولة، كذلك بالنسبة لأي إجراءات تتخذها الدولة للحفاظ على أمنها واستقرار، وهو إجراء تختص به الدولة دون غيرها، وليس حقاً لمجتمع دولي أو أية مؤسسة أن تملي شروطها أو تدلي بتعليقاتها في أي شأن من شؤون البحرين، فالبحرين ليس دولة حديثة، ولا نظام حكم جديد، كي تكون تابعة لأي اتحاد غير مجلس التعاون الخليجي، وإذا كان لدى الاتحاد الأوروبي مصالح مع إيران فالبحرين ليست كبش فداء لتترضى منه عليه إيران، وإذا كان لديه نظرة إنسانية أو حقوقيه فمن الأولى أن ينظر إلى ما يقترفه النظام الإيراني من جرائم في حق الشعب السوري والعراقي، وكان عليه أن يتدخل في سوريا لوقف جرائم النظام السوري في شعبه منذ 2011، أم أن المصالح الإيرانية تمنعه من ذلك، وإذا كان الاتحاد الاوروبي يراعي مصالح دوله الاقتصادية والسياسية، فليس على حساب البحرين، فالبحرين لها مصالحها السياسية واستقرارها له حساب، وحسابه خطير، خاصة عندما يكون أمن البحرين جزء لا يتجزأ من أمن دول مجلس التعاون الخليجي، وهي دول لها كيان ووجود وسيادة على دولها قبل وجود وسيادة إيران على دولتها، هذا الوجود الذي لا يتعدى عمره الـ 35 عاماً، مقابل قرون من السيادة البحرينية على أرضها وكذلك باقي دول الخليج.