«لابد من صنعاء ولو طال السفر»؛ لم تعد بعضاً من أمثال تضرب، ولم تعد موالاً عدنياً أو «داناً» حضرمياً؛ بل خريطة حرب وخطة تعبوية وإجراءات ما قبل المعركة لوحدات المناورة، ثم صوت سحبة الأقسام وحرارة سبطانات المدافع وهدير الراجمات. فعلى إثر هزيمتهم في عدن يتحصن تحالف الحوثة / صالح في صنعاء، تلك المدينة الصلبة بشراً وأسواراً ستكون عصية على جيش التحالف العربي حين يدخل في بيئة غير مروضة، كما كانت على الفاتحين الفرس والعثمانيين، ورغم أن المنتصر يقوم في نهاية الصراعات بإملاء شروطه على الطرف الخاسر؛ إلا أن هذا لن يتحقق في الصراع الحالي. سيرفض تحالف اللاشرعية الاعتراف بالهزيمة وقبول الشروط أو بالنكوص عنها، وسيرفضون المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن 2216، موقع قوته غير الشرعيين أن التحالف سيكون ضحية خوض حرب لا متكافئة «Asymmetric Warfare» مع قوات لا متماثلة، فقد كانت الحروب تقوم على مبدأ التماثل في عدد القوات والسلاح والتنظيم القتالي وثوابت عسكرية أكثر من أن تحصى، يلازمها تعارف على أن الفائز هو القادر على استخدام هذه المزايا والثوابت.أما الحرب غير المتماثلة؛ فهي سلاح الضعفاء في مواجهة الأقوياء بالاعتماد على العدو الكبير لتدمير نفسه، حيث يندس المقاتلون بين المدنيين ليضربوا القوات النظامية ضربات مباغتة وليختفوا مستغلين عدم ما يشير إليهم من لباس وسلاح وانسحاب غير منظم، وبما أن اليمن ساحة لتعزيز النفوذ الإيراني، فستسعى طهران مدعومة بطفرتها المادية لزيادة مساعداتها العسكرية للحوثة، مما يزيد خطورة هذه القوات الأكثر خفة ومرونة وسرعة في الاستجابة مقارنة بقوات التحالف التقليدية. فما المخرج من هذا الفخ الذي ازداد تعقيداً حين اقترفت الرئاسة اليمنية خطأ فادحاً بدمج الميليشيات الشعبية مع الجيش النظامي ليقاتل ميليشيات تحارب بعقيدة لا متماثلة؟ بمعنى متحررة من كل القيود، فقرار الدمج سيقيد مقاتلي اللجان الشعبية، أما تحالف الحوثة / صالح ففي حل من الالتزام بشيء؛ ابتداء من قتالهم بروح المبادرة بدل الهجوم والانسحاب بأوامر متسلسلة طويلة معقدة إلى التحرر حتى من معاهدة جنيف لجرائم الحرب المسلطة محاذيرها على رقاب مقاتلي الشرعية.وحسناً فعلت قوات التحالف العربي بعدم الزج بقوات برية تقليدية في اليمن؛ فمفهوم الحسم على الأرض مازال غير واضح، والعدو غير واضح، بل إن تحالف اللاشرعية يعتبر في الأصل حركات أكثر منه جيشاً، وله أهداف سياسية وأيديولوجية لن تستطع الآلة العسكرية تدميره، مما يجعل خيار الخليجيين الحكيم هو الزج بعناصر الحرب اللامتماثلة من رجال القبائل الموالية والمقاومة الجنوبية واللجان الشعبية، لتنفيذ مواجهات عسكرية غير متماثلة بعد إطلاق عقالهم من عملية الدمج العجولة.
Opinion
لابد من صنعاء ولو بحرب لا متماثلة
12 أغسطس 2015